للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أراد: ونعم معتمد الوسائل أنت، ومن حقّ المخصوص بالمدح، أو الذمّ أن يكونا معرفة، أو مقاربا لها بالتخصيص، نحو: نعم الفتى رجل من بني فلان، ونعم العمل طاعة، وقول معروف، ومن حقّه أيضا أن يصلح الإخبار به عن الفاعل، موصوفا بالممدوح بعد (نعم) كقولك في «نعم الرجل زيد»: الرجل الممدوح زيد، وبالمذموم بعد (بئس) كقولك في «بئس الولد العاقّ أباه»: الولد المذموم العاقّ أباه (١). فإن ورد ما لا يصلح جعله خبرا عن الفاعل أوّل، وقدّر بما يردّه إلى ما حقّه أن يكون عليه (٢)، فمن ذلك قوله تعالى: بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ (٣).

فلو حذفت بِئْسَ وأخبرت ب الَّذِينَ عن مَثَلُ الْقَوْمِ لم يجز فوجب لذلك التأويل، إمّا بجعل الَّذِينَ [٣/ ١٠٣] في محلّ جرّ نعتا لـ الْقَوْمِ، وجعل المخصوص محذوفا، وإما بجعل الَّذِينَ هو المخصوص، على تقدير: بئس مثل القوم مثل الذين، ثم حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، في الرفع بالابتداء (٤)، كما ينبغي في المخصوص، الجاري على الأصل، وإلى هذا وشبهه أشرت بقولي: فإن باينه أوّل، ثم قلت: وقد يحذف. فنبّهت على أنّ مخصوص (نعم)، و (بئس) قد يحذف، وتقام صفته مقامه، وأنّ ذلك قد يكون والصفة اسم، كقولك: نعم الصديق حليم كريم، وبئس الصاحب عزول خذول. ويكثر ذلك إذا كانت الصفة فعلا، والفاعل (ما)، كقوله تعالى: بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ (٥)، وكقوله تعالى: وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ (٦). ويقلّ إذا لم يكن الفاعل (ما) كقولك: نعم الصاحب تستعين به فيعينك، والتقدير: نعم الصاحب صاحب تستعين به فيعينك، ومنه قول الشّاعر: -


- ينظر الشاهد في: ديوان الطرماح بن حكيم ص ٣٧٤ تحقيق د/ عزة حسن، منشورات وزارة الثقافة (١٣٨٨ هـ/ ١٩٦٨ م)، والتذييل والتكميل (٤/ ٥٢٦)، والعيني (٤/ ١١).
(١) ينظر: شرح المصنف (٢/ ١٤١) والتذييل والتكميل (٤/ ٥٤٥).
(٢) مثال ذلك قولك: بئس مثلا زيد، فإن المذموم هنا المثل، وزيد مباين. ينظر التذييل والتكميل (٤/ ٥٤٥).
(٣) سورة الجمعة: ٥.
(٤) هذان التأويلان لأبي علي الفارسي، لمراجعة ذلك ينظر: الإيضاح للفارسي (١/ ٨٧، ٨٨) والتذييل والتكميل (٤/ ٥٤٦).
(٥) سورة البقرة: ٩٣.
(٦) سورة البقرة: ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>