للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإلى هذا أشرت بقولي: وتدخل عليهما (لا)، فتحصل موافقة «بئس» معنى.

ثمّ قلت: ويذكر بعدهما المخصوص بمعناهما مبتدأ مخبرا عنه بهما، أو خبر مبتدأ لا يظهر. فأشرت بذلك إلى أنّك إذا قلت: حبّذا زيد، أو نحو ذلك؛ فإنّ الواقع بعد (حبّذا) يسمّى المخصوص، وأنه مرفوع بالابتداء، وخبره (حبّذا) و (ذا) هو صاحب الخبر في المعنى، فأغنى عن العائد إغناء (ذلك) في قوله تعالى:

وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ (١). ويجوز كون المخصوص خبر مبتدأ مضمر كأنّه قيل - لمن قال: حبّذا - من المحبوب؟ فقال: زيد، يريد: هو زيد، والحكم عليه بالخبريّة - هنا - أسهل منه في باب (نعم)؛ لأنّ مصعبه - هناك - نشأ من دخول نواسخ الابتداء، وهي هاهنا - لا تدخل؛ لأنّ (حبّذا) جار مجرى المثل، والمثل وما جرى مجراه لا يغيران (٢) وهذا المعنى أيضا منع - هنا - من تقديم المخصوص، فلا يقال: زيد حبذا، وقد أغفل أكثر النحويّين التنبيه على امتناع تقديم المخصوص في هذا الباب وعلى امتناع نسخ ابتدائيته. وهو من المهمات (٣). وتنبّه ابن بابشاذ إلى

التنبيه على امتناع التقديم، ولكن جعل سبب ذلك، خوف توهّم كون المراد من «زيد حبّذا»: زيد أحبّ ذا (٤)، وتوهّم هذا بعيد، فلا ينبغي أن يكون المنع من أجله؛ بل المنع من أجل إجراء (حبّذا) مجرى المثل، وما كان كذلك فلا يغيّر، بتقديم بعضه على بعض، ولا يغير ذلك (٥). -


- بظاهر صنعاء، نقم - بضمتين أو بفتحين -: جبل مطل على صنعاء اليمن، والهوى: المهوي.
والمعنى: لا محبوبة في الأشياء أنت يا صنعاء، ولا محبوب في الأشياء أيضا شعوب، ولا نقم.
والشاهد فيه: «لا حبّذا»؛ حيث دخلت عليها (لا) فساوت (بئس) في المعنى، والعمل.
ينظر الشاهد أيضا في: شرح ابن يعيش (٧/ ١٣٩)، وشرح المصنف (٣/ ٢٦)، والهمع (٢/ ٨٩)، والدرر (٢/ ١١٧).
(١) سورة الأعراف: ٢٦.
(٢) ينظر: شرح المصنف (٣/ ٢٧)، والتذييل والتكميل (٤/ ٥٨١).
(٣) ينظر: شرح المصنف (٣/ ٢٧)، والتذييل والتكميل (٤/ ٥٨٣) والنقل فيه تصرف.
(٤) قال ابن بابشاذ في شرح الجمل (١/ ٩٥٤): «إلا أنّ المخصوص بالمدح لا يجوز تقديمه في هذا الباب، ويجوز في الأصل أن تقول: زيد حبذا، وإنما امتنع لئلا يلتبس بباب المحبة والإيثار». اه. وفي شرح التصريح (٢/ ١٠٠)، وقال ابن بابشاذ: «إنما امتنع تقديم المخصوص على (حبّذا) لئلا يتوهم في (حبّ) ضميرا مرفوعا، على الفاعلية يعود على المخصوص، وأنّ (ذا) مفعول به». اه.
(٥) ينظر: شرح المصنف (٣/ ٢٧)، والتذييل والتكميل (٤/ ٥٨٣). وفي النقل تصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>