للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اشتد، ونظير قولهم: هو أسوأ من هذا، بمعنى: أشدّ استواء، وكذا الصّحيح أنّ «آبل» من قولهم: أبل الرجل أبالة، وأبل أبلا إذا درب بسياسة الإبل، والقيام عليها فلا شذوذ فيه أصلا.

وكذا الصحيح أن «أصفر» من: صفر الرطب، إذا صار ذا صفر، فلا شذوذ فيه وكذا «أشجر» من قولهم: أشجر المكان، أي: صار ذا شجر، ولا شذوذ فيه على مذهب سيبويه (١)؛ لأنّ «أفعل» - عنده - يساوي: فعل، فعل، فعل في بناء «أفعل» التفضيل، وقد تقدّم بيان ذلك، وكذا قولهم: فلان أضيع من غيره، هو من قولهم: أضاع الرجل، إذا كثرت ضياعه، ولا شذوذ فيه، على مذهب سيبويه ونظيره: هو أعطاهم للدّراهم، وأولاهم للمعروف، وأكرم لي من زيد، أي:

أشدّ إكراما، وهذا المكان أقفر من ذلك، والفعل من جميعها على وزن «أفعل» (٢) ومن المحكوم بشذوذه لكونه من مزيد فيه قول عمر رضي الله عنه: «إنّ أهمّ أموركم عندي الصلاة، فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن

ضيّعها فهو لما سواها أضيع» (٣) فأوقع «أضيع» موقع: أشدّ تضييعا، ومن المحكوم بشذوذه من جهتين قولهم: هذا أخصر من هذا، فبنوه من «اختصر» وفيه مانعان: أحدهما: أنه من مزيد فيه، والثاني: أنه من فعل ما لم يسمّ فاعله (٤)، ومثله - على مذهب غير -


(١) في الكتاب (٤/ ١٠٠) ط. هارون: (وقولهم: آبل الناس؛ بمنزلة: آبل منه؛ لأن ما جاز فيه:
أفعل الناس، جاز فيه هذا، وما لم يجز فيه ذلك لم يجز فيه هذا) اهـ.
وفي شرح التصريح (٢/ ٩١): (فقيل: يجوز من «أفعل» قياسا مطلقا، سواء كانت الهمزة فيه للنقل أم لا. وهو مذهب سيبويه، والمحققين من أصحابه، وقيل: يمتنع مطلقا إلا إن شذّ منه شيء، فيحفظ ولا يقاس عليه، وهو مذهب المازني والأخفش والمبرّد وابن السرّاج والفارسيّ ومن وافقهم، وقيل: يجوز إن كانت الهمزة لغير النقل، نحو: ما أظلم الليل، وما أقفر هذا المكان، ويمتنع إن كانت للنقل، نحو:
ما أذهب نوره) اهـ.
وكلامه هذا في التعجّب، و «أفعل» التفضيل مثله في صوغه قياسا أو شذوذا.
(٢) وإنما امتنع ما كان الوصف منه على «أفعل فعلاء»؛ لأنه يبنى منها «أفعل» لغير التفضيل، فلو بني منها «أفعل» للتفضيل لالتبس بما ليس للتفضيل وأنّها زائدة على الثلاثة في الأصل نحو: أحمر، وأسود، وأحول، وأما «حمر» و «سود» و «حول» ففي تقدير: احمرّ واسودّ واحولّ، و «أفعل» التفضيل لا يبنى إلا من ثلاثي.
(٣) هذا الحديث أخرجه الإمام مالك في الموطأ، في كتاب: أوقات الصلاة (ص ٣١) برقم (٦)، وهذا الحديث أيضا في شرح ابن الناظم (ص ١٨٦).
(٤) ينظر: شرح التصريح (٢/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>