للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وممّا تقدّر فيه المشاركة قول بعضهم: الصّيف أحرّ من الشّتاء، وله توجيهات:

أحدها: أن يكون من «أحرّ القتل» بمعنى: استحرّ، أي اشتدّ، فكأنّه قيل:

الصيف أشدّ احترارا من الشتاء؛ لأنّ حروبهم في الصّيف كانت أكثر من حروبهم في الشتاء (١)، ويمكن أن يشار بذلك إلى أنّ الشّتاء يتحيّل فيه على الحرّ بموقيات البرد وأنّ الصيف لا يحتاج فيه إلى تحيّل، فحرّه أشدّ من حرّ الشتاء (٢)، ويمكن أن يشار بذلك إلى «حرّ الأمر» جدّ، وأنّه في الصيف أشدّ منه في الشتاء (٣). وزعم بعض العلماء أنه يقال: العسل أحلى من الخلّ، وهذا موجه بثلاثة أوجه:

أحدها: أن يكون قائل هذا أسمى العنب خلّا، لمآله إليه، كما سمّي خمرا في قوله تعالى: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً (٤).

الثاني: أن يكون «أحلى» من: حلي بعيني، إذا حسن منظره.

الثالث: أن يكون هذا قد وضع «أحلى» موضع «أطيب» لأنّ الخلّ يتأدّم به، فله من الطيب نصيب، لكنّه دون طيب العسل (٥).

ويكثر حذف المفضول إذا دلّ عليه دليل، وكان «أفعل» خبرا، كقوله تعالى:

أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ (٦)، ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا (٧)، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ (٨)، وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ (٩)، إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ (١٠)، وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلًا (١١)، أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (١٢)، فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (١٣).

وهو كثير، ومنه قول الشاعر: -


(١)،
(٢)،
(٣) هذه توجيهات ثلاثة.
(٤) سورة يوسف: ٣٦.
(٥) تنظر هذه الأوجه الثلاثة في: شرح المصنف (٣/ ٥٦) والتذييل والتكميل (٤/ ٧١٣)، وفي المساعد لابن عقيل (٢/ ١٧١)، تحقيق بركات: (... أو أراد بالخلّ العنب كما يسمّى العنب خمرا، والتهكم لا يمتنع) اهـ.
(٦) سورة البقرة: ٦١.
(٧) سورة البقرة: ٢٨٢.
(٨) سورة آل عمران: ٣٦.
(٩) سورة آل عمران: ١١٨.
(١٠) سورة النحل: ٩٥.
(١١) سورة الكهف: ٤٦.
(١٢) سورة مريم: ٧٣.
(١٣) سورة مريم: ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>