للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اثنين عدّي إلى أحدهما باللّام، وأضمر ناصب الثاني، كقولك: هو أكسى للفقراء الثياب، أي: يكسوهم الثياب (١)، وإن ورد ما يوهم نصب مفعول به بـ «أفعل» نسب العمل لفعل محذوف وجعل «أفعل» دليلا عليه، فمن ذلك قول الشاعر:

٢١٤٢ - فلم أر مثل الحيّ حيّا مصبّحا ... ولا مثلنا يوم التقينا فوارسا

أكرّ وأحمى للحقيقة منهم ... وأضرب منّا بالسّيوف القوانسا (٢)

ومثله قول الآخر:

٢١٤٣ - فما ظفرت نفس امرئ يبغي المنى ... بأبذل من يحيى جزيل المواهب (٣)

ومنه قوله تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (٤) فـ (حيث) هنا ليس بظرف وإنما هو مفعول به، وناصبه فعل مدلول عليه بـ «أعلم»، والتقدير: الله أعلم مجردا عن التفضيل (٥)، ويكون هو العامل، وتتعلق حروف الجرّ بـ «أفعل» التفضيل، على نحو ما يتعلق بـ «أفعل» المتعجّب به، فيقال: زيد أرغب في الخير من عمرو، وعمرو أجمع للمال من زيد، ومحمد أرأف بنا من غيره، وكذلك ما أشبهه، والله -


(١) في التذييل والتكميل (٤/ ٧٧١): (وينبغي ألّا يقال هذا التركيب إلا إن كان مسموعا من لسانهم) اهـ.
(٢) البيتان من الطويل ضمن قصيدة لعباس بن مرداس الصحابي، وتعد من المصنفات التي أنصف فيها قائلوها أعداءهم.
اللغة: أكر: أكثر كرّا، الحقيقة: ما يحق على المرء أن يحميه. القوانس: جمع قونس وهو أعلى بيضة الرأس. والمعنى كما قال التبريزي: لم أر مثل عشيرتي.
والشاهد قوله: «القوانسا»؛ حيث انتصب بفعل محذوف دل عليه بأفعل أي: يضرب القوانس.
ينظر الشاهد في: ديوان العباس بن مرداس (٦٩)، ونوادر أبي زيد (ص ٢٦٠)، والتذييل والتكميل (٤/ ٧٦٩).
(٣) البيت من الطويل ولم ينسب لقائل معين.
الشاهد فيه: نصب جزيل بفعل محذوف دل عليه بأبذل وتقديره يبذل جزيل المواهب، والبيت من شواهد شرح المصنف (٣/ ٦٩)، والتذييل والتكميل (٤/ ٧٦٩)، والمساعد لابن عقيل. تحقيق د/ محمد كامل بركات (٢/ ١٨٦)، وشرح التصريح (٢/ ١٠٦) وفيه: (وحكمة كونه لا ينصب المفعول المطلق إعطاؤه حكم فعل التعجب؛ لأن معناهما المبالغة) اهـ.
(٤) سورة الأنعام: ١٢٤.
(٥) في التذييل والتكميل (٤/ ٧٧٠): (فـ (حيث) هنا ليس بظرف وإنما هو مفعول به وناصبه فعل مدلول عليه بـ «أعلم» والتقدير: الله أعلم، يعلم مكان جعل رسالته) اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>