للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تقول: جاء زيد وأبوه ضحك، وإنّما كان يثبت ما قال الكسائيّ: لو جاء من كلامهم: هذا ضارب زيد أمس، ولا يحسن أن تقول: هذا يضرب زيدا أمس، قال: ومما يبين فساد مذهب الكسائي أنّ اسم الفاعل بمعنى الماضي، لو كان عاملا لم يتعرف بالإضافة، ولكنه يتعرف بها ولذلك وصف بالمعرفة، في قول الشاعر:

٢١٨٠ - لئن كنت قد بلّغت عنّي وشاية ... لمبلغك الواشي أغشّ وأكذب (١)

انتهى كلام ابن عصفور، ولا شكّ أن مذهب الكسائي في هذه المسألة باطل، لكن في إبطاله بما أنشده نظر، فإنّ الإضافة اللفظية يجوز فيها أن تصير معنوية إلا ما استثني، وحينئذ تعود الإضافة محضة فيحصل بها التعريف، وهو ذكر ذلك في كتبه.

بقي هنا أن يشار إلى مسألتين تتعلقان باسم الفاعل الذي معناه ماض:

إحداهما:

أنّ الخلاف المذكور في عمله إنما هو بالنسبة إلى المفعول به، أما رفعه الفاعل فالظاهر أنه لا بدّ منه، لكن من النحاة من منع رفعه [٣/ ١٤٢] الفاعل أيضا وبه قال ابن جنّي، واختاره الشلوبين (٢)، والمتأخرون من المغاربة خلا ابن عصفور، هذا إذا كان الفاعل ظاهرا، فإن كان الفاعل مضمرا؛ فحكى ابن عصفور الاتفاق على أنه يرفعه.

قال الشيخ: وليس كذلك بل ذهب ابن طاهر وابن خروف إلى أنّه لا يرفع المضمر أيضا، قال: والذي تلقيناه أنّه لاشتقاقه يتحمل الضمير (٣). انتهى.

وأقول: لا يتوجه لي كون اسم الفاعل الماضي لا يرفع، وذلك أنّ المشتقّ بذاته من حيث هو مشتق يستلزم مرفوعا، فليس محله الرفع بمشابهة الفعل، بل العمل الذي يعمله لمشابهته الفعل إنما هو النصب، ومما يدل على ذلك أنّ اسم الفاعل الذي معناه ماض معنى الوصفية فيه باق، ولا يتصور وجود معنى الوصف دون من يقوم به ذلك، وإذا ثبت أنّه لا بدّ له من مرفوع يقتضيه لذاته؛ فلا فرق فيه بين أن يكون مضمرا أو ظاهرا. -


(١) سبق تخريج هذا الشاهد.
والشاهد فيه هنا قوله: «لمبلغك»؛ حيث تعرف اسم الفاعل بالإضافة، ولذلك وصف بالمعرفة «الواشي» ولو عمل «مبلغ» لم يتعرف، بل كان نكرة.
(٢) ينظر التوطئة (ص ٢٤٢).
(٣) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٨١٠)، ومنهج السالك (ص ٣٢٦)، وشرح التسهيل للمرادي (١٩٨ / أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>