للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المسألة الثانية:

أنّ اسم الفاعل الذي معناه ماض إذا أضيف، واقتضى بعد الإضافة من جهة المعنى مفعولا به، بأن يكون من فعل يتعدّى إلى مفعولين، جيء بذلك الذي يقتضيه بعد الإضافة منصوبا، كقولك: هذا معطي زيد درهما أمس، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك، في كلام المصنف رحمه الله تعالى، وقد عرفت أنّ مذهب الجمهور أنّه منصوب بفعل مقدّر مدلول عليه باسم الفاعل وأنّ السيرافيّ يرى نصبه باسم الفاعل وإن كان بمعنى الماضي (١)، وأنّ المصنف

اختار مذهب الجمهور (٢)، وقد تعرض الشيخ في شرحه (٣) لذكر المسألة فقال: ذهب الجمهور ومنهم الجرميّ (٤)، والفارسيّ (٥)، إلى أنّ الثاني منصوب بفعل مضمر يفسّره اسم الفاعل، ووقفوا في ذلك مع الأصل، وهو أنّ اسم الفاعل بغير «أل» لا يعمل إذا كان معناه ماضيا فالتقدير: أعطاه درهما، وذهب السيرافيّ والأعلم، وبعض المحققين، كالأستاذ أبي عليّ (٦)، وأصحابه إلى أنه منصوب باسم الفاعل، وإن كان بمعنى الماضي، قالوا:

لأنه قوّى شبهه بالفعل هنا، وذلك أنه يطلب ما بعده من جهة المعنى ولا يمكن إضافته -


(١) في شرح السيرافي (٢/ ٥٨٦، ٥٨٧): (فإذا قلت: هذا معطي زيد درهما أمس، وهذا ظان زيد منطلقا أمس، فكثير من أصحابنا يزعمون أن الثاني منتصب بإضمار فعل آخر، كأنه قال: هذا معطي زيد، أعطاه درهما أمس، وهذا ظان زيد، ظنه منطلقا أمس. والأجود عندي أن يكون منصوبا بهذا الفعل بعينه؛ وذلك لأنّ الفعل الماضي فيه بعض ما لمضارعه ولذلك بني على حركة؛ فبذلك الجزء من المضارعة يعمل الاسم الجاري عليه عملا ما، دون الاسم الجاري على الفعل المضارع، فعمل في الاسم الثاني لما لم يمكن إضافته إليه؛ لأنه لا يضاف إلى اسمين، فأضيف إلى الاسم الذي قبله فصارت إضافته بمنزلة التنوين له، وعمل في الباقي بما فيه من معنى الفعل والتنوين) اهـ.
(٢) ينظر: شرح المصنف (٣/ ٧٨).
(٣) التذييل والتكميل (٤/ ٨١٠، ٨١١، ٨١٢).
(٤) يراجع مذهب الجرمي في المساعد لابن عقيل (٢/ ٢٠٤) تحقيق د/ بركات.
(٥) في الإيضاح (١/ ١٤٣، ١٤٤): (فأما قولهم: هذا معطي زيد أمس درهما، فدرهم نصب على إضمار دل عليه «معط»، ومثل ذلك قوله عزّ وجل: فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً) اهـ. وينظر رأي الجمهور في منهج السالك (ص ٣٢٦).
(٦) في التوطئة لأبي علي الشلوبين (ص ٢٤١، ٢٤٢): (وإذا وجهت الإضافة واتفق أن كان الفعل له أكثر من مفعول واحد؛ انتصب ما زاد على الواحد بإضمار فعل، نحو: هذا معطي زيد درهما أمس، مذهب الأكثر وأجاز بعضهم نصبه باسم الفاعل، واحتج بقولهم: هذا ظان زيد منطلقا أمس) اهـ.
وينظر أيضا: منهج السالك (ص ٣٢٨) وشرح المرادي (١٩٨ / أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>