للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إليه؛ لأنه قد اشتمل بإضافته إلى الأول فأشبه الفعل بهذا؛ لأنّ الفعل يطلب ما بعده، ولا يمكن إضافته إليه، وصار في ذلك كالمعرّف بالألف واللام، واستدلّ لصحة هذا القول باسم الفاعل من باب «ظنّ» إذا قلت: هذا ظان زيدا قائما أمس، فإنّه يطلب اسمية، ولا يجوز حذف أحدهما اقتصارا ولو نصبت «قائما» بمضمر لزمك حذف الثّاني، الذي يطلب «ظان» ولا يجوز حذفه اقتصارا، فيبقى حذفه اختصارا، والمحذوف اختصارا بمنزلة الثابت، فيلزم أن يكون

اسم الفاعل عاملا فيه أو نقدر ذلك المحذوف عاملا فيلزم حذف الثّاني لاسم الفاعل ويرجع الكلام في ذلك إلى المحذوف الثّاني، ويتسلسل إلى ما لا نهاية له، وبهذا اعترض أبو الفتح (١) على أبي عليّ فسكت (٢)، وإذا لزم إعمال «ظان» بمعنى الماضي في الاسم الثّاني، وجب أن يعتقد أنّ الثاني منصوب بفعل مضمر، إلا أن يقول: إنّ العرب لا تقول: هذا ظانّ زيد قائما أمس، وإنها استغنت عنه بقولها: هذا ظنّ زيدا قائما أمس؛ لكن في هذا القول خروج عما عهد في الأفعال المتصرفة، من جواز بناء اسم الفاعل منها للحال والاستقبال، والمضي (٣).

قال الشيخ: وسألت شيخنا الأستاذ أبا الحسن ابن الضائع عن هذه المسألة، وذكرت له المذهبين، واعتراض ابن جني وسكوت أبي عليّ؛ فقال: سكوت أبي عليّ عنه استهزاء به، وتضعيف لاعتراضه لا قصور (٤)، والصحيح ما ذهب إليه أبو عليّ، ثم أملى عليّ ما نصّه: فإنّ قيل: هذا لا يتصور في باب الظن من قبيل أنّه لا يجوز فيه الاقتصار، وكذلك الاختصار؛ لأنّ المحذوف اختصارا كالمنطوق به، فإن قدرت عاملا لزم التسلسل، فالجواب من وجهين:

أحدهما: أنّ قولهم: هذا ظان زيدا، إنما يكون على حد قولهم: ظننت بزيد، ثمّ جئت باسم الفاعل منه فقلت هذا ظانّ زيد وأصله ظان بزيد فلا يحتاج هذا إلى مفعولين ثمّ حذفت وأضفت فـ «زيد» في الموضعين ليس مذكورا على أنّه مفعول به بل على أنّه محل لوقوع الظن (٥). -


(١) أي: أبو الفتح ابن جني.
(٢) ينظر المرجعان السابقان في التعليق الأخير.
(٣) ينظر التذييل والتكميل (٤/ ٨١٢)، ومنهج السالك (ص ٣٢٩).
(٤) ينظر: المرجعان السابقان، الصفحتان نفساهما وشرح التسهيل للمرادي (١٩٨ / ب).
(٥) لمراجعة ما أملاه ابن الضائع ينظر: المراجع المذكورة في التعليق السابق الصفحتان نفساهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>