للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إليه، إلا إذا كان المضمر بلفظ غير صالح لإعراب الظاهر، كالكاف والهاء من:

لولاك ولولاه؛ فإنّ الجرّ منسوب إليهما عند سيبويه مع أنّه إعراب غير صالح للظاهر، الذي وقع موقعه، وحمله على ذلك أنّ لفظ الكاف والهاء غير صالح للرفع، بل للنصب والجر، ولكنّ النصب ممتنع لامتناع لازمه، وهو أن يقال: لولاني دون لولاي، وإنما يقال: لولاي، دون لولاني، فتعين الحكم بالجر.

وزعم الأخفش، وهشام (١) الكوفي أنّ كاف «مكرمك» وشبهه في موضع نصب؛ لأنّ موجب النصب المفعولية، وهي محققة، وموجب الجر الإضافة، وهي غير محقّقة؛ إذ لا دليل عليها إلا حذف التنوين، ونوني التثنية والجمع، ولحذفهما سبب غير الإضافة، وهو صون الضمير المتصل من وقوعه منفصلا (٢)، وهذه شبهة، تحسب قوية، وهي ضعيفة؛ لأنّ النصب الذي تقتضيه المفعولية لا يلزم كونه لفظيّا، بل يكتفى فيه بالتقدير، فلذلك جاز أن يراد بعض حروف الجر، مع بعض المفعولات، نحو: رَدِفَ لَكُمْ (٣)، وخشّنت بصدره (٤)، ولولا ذلك لامتنعت إضافة اسم الفاعل إلى المفعول به الظاهر، وأيضا؛ فإنّ عمل الأسماء النصب أقلّ من عملها الجرّ، فينبغي - عند احتمال النصب والجر في معمول اسم - أن يحكم بالجر، حملا على الأكثر.

وأمّا جعل سبب حذف التنوين والنونين صون الضّمير المتّصل من وقوعه منفصلا فمستغنى عنه لوجهين:

أحدهما: أن حذفه للإضافة محصّل لذلك فلا حاجة إلى سبب آخر. -


(١) هو هشام بن معاوية الضرير.
(٢) ينظر: شرح المصنف (٣/ ٨٣)، والتذييل والتكميل (٤/ ٨٢٤)، ومنهج السالك (ص ٣٣٦).
وفي معاني القرآن للأخفش (٢/ ٦٢): (قال: إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ [العنكبوت: ٣٣] فالنصب وجه الكلام؛ لأنك لا تجري الظاهر على المضمر، والكاف في موضع جر لذهاب النون؛ لأنّ هذا إذا سقط على اسم مضمر ذهب منه التنوين والنون، إن كان في الحال، وإن لم يفعل، تقول: هو ضاربك الساعة أو غدا، وهم ضاربوك) اهـ.
(٣) سورة النمل: ٧٢.
(٤) في أساس البلاغة مادة «خشن»: (ومن المجاز خشن صدره، وبصدره)، و «خشّن» بتشديد الشين المعجمة، وفي اللسان والقاموس «خشن»: (خشن صدره تخشينا أوغره).

<<  <  ج: ص:  >  >>