للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

محيطة به لا خلاص له منها إلا بالإيمان، وقد تقدم لنا التنبيه على فائدة التضمين.

وأما قوله تعالى: تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ (١) فأجابوا عنه بأن «من» فيه [٣/ ١٨٢] لابتداء الغاية وهو ظاهر. وأما الحديث الشريف: «فإذا بقي من قراءته نحو من كذا» فأجابوا عنه بأن «من» فيه للتبعيض وأن الفاعل مضمر وهو اسم فاعل يفسره الفعل التقدير: فإذا بقي هو أي باق من قراءته نحوا من كذا. وهذا الجواب الذي أجابوا به الحديث أجابوا [به] عن قول الشاعر:

٢٣٨٠ - فما قال من كاشح

وعن قول الآخر:

٢٣٨١ - قد كان من طول إدلاج

وقول الآخر:

٢٣٨٢ - ويكثر فيه من حنين الأباعر

وعن قول العرب: قد كان من مطر، وقولهم أيضا: قد كان من حديث فحل عنّي، ولا يخفى ضعف هذا التخريج؛ لعدم ذوقه.

وأما قول الآخر:

٢٣٨٣ - وكنت أرى كالموت من بين ساعة

فقالوا فيه: إن «من» للسبب أي: أرى شيئا عظيما كالموت من أجل بين ساعة، فكيف يكون حالي ببين موعده الحشر؟! أي: بسبب بين موعده الحشر. وخرّجه الإمام بدر الدين (٢) ولد المصنف: على أن «من» لابتداء الغاية والكاف اسم، والمعنى: وكنت أرى «من» بين ساعة حالا مثل الموت؛ على حد قولهم: رأيت منك أسدا (٣).

وأقول: لا حاجة إلى تكلف هذه التخريجات لما ورد في هذه الأبيات؛ لأن البصريين يجيزون زيادة «من» في الكلام الموجب ودخولها على المعرفة في الشعر، -


(١) سورة البقرة: ٢٥.
(٢) وهو: محمد بدر الدين بن محمد له شرح على ألفية أبيه وكافيته وغيرهما (ت: ٦٨٦ هـ) بدمشق والنجوم الزاهرة (٧/ ٣٧٣).
(٣) شرح الألفيه لابن لناظم (ص ٣٦٢) بتحقيق د/ عبد الحميد السيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>