للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإذا كان كذلك فلا حاجة إلى تكلف الجواب عن الوارد فيه. وأما قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:

«إنّ من أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة المصوّرون» فقد كفى المصنف مئونة الجواب عنه؛ إذ قال في باب الأحرف

الناصبة الاسم الرافعة الخبر لما ذكر أن ضمير الشأن يكون اسما لـ «إن» وأنه يحذف معها كثيرا قال (١): وعليه يحمل «إنّ من أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة المصوّرون» لا على زيادة «من» خلافا للكسائي.

وقد خرج ابن عصفور «قد كان من مطر»، و «قد كان من حديث» على أن أصله: قد كان كائن من مطر، و: قد كان كائن من حديث؛ فحذف الموصوف وقامت الصفة مقامه. قال: وإن كانت غير محضة (٢). وقد ذكر في باب النعت (٣) أن ذلك يحسن في الكلام مع «من»، ورده الشيخ بأنه يلزم من ذلك أن يكون المجرور فاعلا، والمجرور الذي يجر بحرف غير زائد لا يكون فاعلا.

وأما تخريج ابن جني قراءة ابن هرمز فقد استبعده الشيخ، وقال (٤): هذا تخريج لا يحتمل مثله القرآن العزيز، قال: وكونها على ما استقر في «لما» ظاهر إما على الظرف أي: حين أتيناكم، وإما كونها حرف وجوب لوجوب وأتيناكم التفات من الغيبة إلى الخطاب ولو جرى على الغيبة لكان: لما (أتيناهم) (٥)، قال: ولا يظهر معنى لتخريج ابن جني لمن ما أتيناكم من كتاب وحكمة.

وقد استدل على زيادة «من» في الواجب بأشياء أخر غير الذي ذكره المصنف:

منها: قوله تعالى: وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ (٦)، وقُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ (٧)، ووَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً [وَأَجْراً عَظِيماً] (٨).

وأجيب بأن التقدير: ولهم مطعوم، أو فاكهة من كل الثمرات لما تقدم ذكر المشروب ذكر المطعوم وحذف المبتدأ لدلالة المعنى عليه جائز ولا سيّما إذا كانت له صفة. وأما يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ فـ «من» للتبعيض؛ لأنهم لم يؤمروا بغض -


(١) شرح التسهيل لابن مالك.
(٢) شرح الجمل لابن عصفور (٢/ ٤٨٥).
(٣) المرجع السابق.
(٤) التذييل والتكميل (٤/ ٨).
(٥) التذييل (٤/ ٨) والذي في الأصل: أتيناكم، وهو تحريف.
(٦) سورة محمد: ١٥.
(٧) سورة النور: ٣٠.
(٨) سورة الفتح: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>