للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأبصار وإنما يغضّ منها ما كان في النظرية امتناع شرعي، وكذلك هي للتبعيض في وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً (١).

ومنها: أنك قد عرفت ما ذكره المصنف من أن «من» الزائدة ربما دخلت على حال واستدلاله على ذلك بقراءة زيد بن ثابت ومن وافقه ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ (٢) يعني بفتح الخاء وضم النون أي: أولياء. ولا شك أن مسوّغ ذلك انسحاب النفي عليه من حيث المعنى كما انسحب عليه في قراءة الجماعة حين كان مفعولا (٣) شبه ذلك بانسحاب النفي على الفعل المتعدي إلى مفعول كقوله تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ (٤).

ومنها: أنك قد عرفت أيضا أن «من» تنفرد بجر ظروف لا تتصرف كما أشار المصنف إلى ذلك في متن الكتاب وهذا لا كلام فيه، ولكنه قال في الشرح ما تقدم نقله عنه وهو أن «من» إذا دخلت على «قبل وبعد ولدن وعن» فهي زائدة؛ لأن المعنى بسقوطها وثبوتها واحد.

فقال الشيخ: زعم بعض النحويين ذلك (٥). قال: وليس كما زعم، بل المعنى مختلف؛ فإذا قلت: جئت من قبل زيد؛ كان مجيئك مبتدأ من الزمان المتعقبه زمان مجيء زيد، وإذا قلت: جئت قبل زيد؛ كان مجيئك سابقا على مجيء زيد واحتمل تعقبه زمان مجيء زيد أو كان بينهما مهلة كثيرة أو قليلة؛ لأنه يدل على مطلق السبق، وإذا قلت: جئت من بعد عمرو؛ كان ابتداء مجيئك من الزمان المتعقب زمان مجيء عمرو، وإذا قلت: جئت بعد عمرو احتمل أن يتعقب وأن يتأخر بمهلة كثيرة أو قليلة فـ «من» لابتداء الغاية في القبلية والبعدية، فلو جاء شخص ظهرا وآخر عصرا حسن «قبل وبعد»، ولم يحسن «من قبل» ولا «من بعد» إذ لا [ا] عتقاب في الزمانين (٦).

قال: وكذلك تقول في «من لدن»، و «من عن»: إنها فيهما لابتداء الغاية؛ فإذا قلت: قعد زيد عن يمين عمرو؛ فمعناه ناحية يمين عمرو، واحتمل أن يكون قعوده ملاصقا لأول ناحية يمينه، واحتمل ألا يكون ملاصقا لأولها. وإذا قلت: من -


(١) سورة الفتح: ٢٩.
(٢) سورة الفرقان: ١٨.
(٣) البحر المحيط (٦/ ٤٨٨).
(٤) سورة المؤمنون: ٩١.
(٥)،
(٦) التذييل (٤/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>