للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو كلام حسن على عادته واف بالمقصود وليس فيه إلا تعرضه إلى الغض من الزمخشري وتجهيله إياه بكتاب سيبويه. وليس هذا من طريقة المصنف، فإنه بحمد الله تعالى مكفوف اللسان عمّن هو دون الزمخشري في الرتبة، فكيف بمن هو عالي الرتبة، ولكن كما قيل: الجواد قد يكبو، والصارم قد ينبو.

والعجب أن ما قاله في حق الزمخشري من أنه لا يعرف من الكتاب إلا ما يعرف بتصفح وانتقاء، لا بتدبر واستقصاء قاله الشيخ أثير الدين في حقه إما بهذا اللفظ أو بمعناه أو ما يقرب منه حسبما تقف عليه في باب إعراب الفعل إن شاء الله تعالى.

وهذا يحقق قول القائل: كما تدين تدان (١).

فكأن المصنف جوزي بالوقوع في حقه عما وقع به في حق الزمخشري وقد ثلب الشيخ الرجلين كليهما هنا بعد أن اعتذر عن الزمخشري في ما عابه عليه المصنف فقال: وما رد به المصنف على الزمخشري غير صحيح (٢)؛ لأن ذلك لا يدل على الجهل بالقائل بل الظاهر أنه لما كان عنده هذا القول ضعيفا تأدّب مع سيبويه فقال:

ومن الناس، ولم يصرح باسمه إعظاما له لما خالفه. قال: وأما قوله عنه: إنه لم يعرف من كتاب سيبويه إلا ما يعرف بتصفح وانتقاء لا بتدبر واستقصاء؛ فهو كما قال، ولذلك وقع في مفصّله أغلاط ومخالفة لسيبويه وقد رد الناس عليه ذلك لكن ما ذكره المصنف عن الزمخشري هو مشارك له فيه.

فكم مكان خالف فيه نصوص سيبويه عن العرب. وكم نقل جهله عنه، وكم مفهوم فهمه خلاف ما فهمه المعتنون بكتاب سيبويه والتفقه فيه على أنه رحمه الله تعالى لم يقرأ كتاب سيبويه على أحد إنما كان يتصفح منه مواضع، قال: وقد رحل الزمخشري من خوارزم إلى مكة شرفها الله تعالى قبل العشرين وخمس المائة لقراءة كتاب سيبويه على رجل من أصحابنا أهل الأندلس يعرف بأبي بكر بن طلحة البابرتي كان مجاورا بها عالما بكتاب سيبويه وغيره، وله تصانيف فقرأ عليه الزمخشري جميع الكتاب وأما قوله: فما أوفر تبجحه، وأيسر ترجحه؛ فهو كما قال وافر التبجح يسير الترجح معظم نفسه على طريقة أمثاله من أهل بلاده. انتهى -


(١) من أمثال العرب على أن الجزاء من جنس العمل - مجمع الأمثال (٢/ ٩١).
(٢) التذييل (٧/ ١٣٧، ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>