للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

٣٢٦٠ - إلى ملك كاد النّجوم لفقده ... يقعن وزال الرّاسيات عن الصّخر (١)

يريد: وأرادت الراسيات أن تزول أو قاربت أن تزول، وأما قوله تعالى: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها (٢) الآية الشريفة فيحتمل أمرين:

أن يكون كما تقدم كأنه قيل: أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا وأن يكون أريد [بأهلكناها] أنها أهلكت إهلاكا من غير استئصال فجاءها بأسنا فهلكت هلاك استئصال. وأما الجرمي فاستدل على ما ذهب إليه بقول الشاعر:

٣٢٦١ - عفا ذو حسي من فرّتنا فالفوارع ... فجنبا أريك فالتلاع الدوافع (٣)

ومعلوم أن هذه الأماكن لم تعف على ترتيب إذ الوقوف على أن يكون الآخر من الأماكن قد عفا عند انقضاء عفاء الأول من غير مهلة بينهما متعذر (٤). وكذا قولهم:

نزل المطر فمكان كذا فمكان كذا إنما نزل المطر بهذه الأماكن في حين واحد.

والجواب عن ذلك: بأن يجعل الترتيب في مثل هذا بالنظر إلى الذكر وذلك أن القائل عفا موضع كذا فموضع كذا لا تحضره أسماء الأماكن في حين الإخبار دفعة واحدة فيبقى في حال الإخبار متذكرا لها متتبعا فما سبق إلى ذكره أتى به أولا وما تأخر في ذكره عطفه بالفاء.

واستدل من ذهب إلى أن الفاء لا ترتب مطلقا بما استدل به الفراء والجرمي إلا أنهم حملوا سائر الأماكن على ذلك. قال: والذي يدل على فساد مذهب هؤلاء أن العرب تقول: اختصم زيد وعمرو ولا تقول: فعمرو، ولو كانت الفاء بمنزلة الواو في جميع الأماكن لوجب أن يجوز مثل هذا العطف بالفاء (٥).

وأما ثم: فللجمع والترتيب والمهلة. وزعم بعض النحويين أنها بمنزلة الواو لا ترتب.

واستدل على ذلك بقوله تعالى: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ [٤/ ١٥٣] ثُمَّ جَعَلَ -


(١) البيت من الطويل - ديوانه (١/ ٢١٧)، والمغني (ص ٦٨٨)، برواية: الجبال بدل النجوم.
(٢) سورة الأعراف: ٤.
(٣) البيت من الطويل للنابغة الذبياني - ديوانه (ص ٤٩)، والمقرب (١/ ٢٣٠).
(٤) التصريح (٢/ ١٣٩).
(٥) شرح الجمل (١/ ٢٣١) تحقيق صاحب أبو ضاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>