للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وانقل بها للتّان حكم الأول ... في الخبر المثبت والأمر الجلي

أن بل بعد غير النفي والنهي لإزالة الحكم عما قبلها حتى كأنه مسكوت عنه وجعله لما بعدها (١) وقد أشكل عليّ هذا الموضع وتعذر عليّ الجمع بين ما قاله في التسهيل وما قاله في شرح الكافية وكذا ما قاله في الألفية.

والذي يظهر لي أن الذي ذكره في التسهيل من أنها تكون بعد إيجاب موطأ به ليس راجعا إلى بل العاطفة بل إلى بل التي لمجرد الإضراب، ويدل على ذلك أن المثال الذي مثل به لهذا الحكم وهو قوله تعالى: إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٢) ليست بل فيه عاطفة لمجيء الجملة بعدها.

وكان المصنف ذكر أحكام ما يذكر قبل بل وبعدها على الإطلاق من غير تعرض إلى تفصيل الواقع بعدها ما هو.

وبعد ...

فأنا أورد كلام ابن عصفور على هذا الحرف فإنه أوضح من كلام المصنف.

قال رحمه الله تعالى ما ملخصه (٣):

بل إن وقع بعدها جملة كانت للإضراب عن الكلام الذي قبلها وإثبات الكلام الذي بعدها. والإضراب قسمان:

إضراب انتقال: وعبر هو عن الانتقال بالترك. مثال إضراب الإبطال قوله تعالى:

أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ (٤)، ومثال إضراب الانتقال قوله تعالى:

وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ٦٢ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا (٥) قال: ولا تكون إذ ذاك عاطفة؛ لأن المتكلم أضرب عما قبلها واستأنف ما بعدها فصار ما قبلها [٤/ ١٦٧] بالنظر إلى المعنى كأنه لم يذكر وكأنها هي أول الكلام الذي قصد إثباته.

وإن وقع بعدها مفر كانت عاطفة وتستعمل بعد الإيجاب والنفي والنهي فإن كانت بعد الإيجاب فإنما يؤتى بها لتدارك نسيان أو غلط. فقائل: ضربت زيدا بل عمرا إنما أراد أن يقول: ضربت عمرا فغلط أو نسي فتدارك ببل. وأما بعد النفي والنهي فإنما -


(١) شرح الألفية لبدر الدين (ص ٥٤١).
(٢) سورة الفرقان: ٤٤، وقد تقدم ذلك قريبا.
(٣) هذا النص الطويل من شرح الإيضاح المفقود لابن عصفور.
(٤) سورة المؤمنون: ٧٠.
(٥) سورة المؤمنون: ٦٢، ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>