للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذي إهالة (١) وهو مثل، وذلك أن بعض حمقاء العرب يقال: إنه اشترى شاة فسال لغامها (٢) هزالا فتوهّمه شحما مذابا فقال لبعض أهله: خذ من شاتنا إهالتها فنظر إلى مخاطها فقال: سرعان ذي إهالة أي: سرعت ذي إهالة فـ «ذي» فاعل سرعان و «إهالة» منصوب على التمييز، وهو محول من الفاعل، التقدير: سرعان إهالة ذي.

وأما «وشكان» فإنما هو اسم لـ «وشك» ومعنى وشك: سرع، يقال: وشك يوشك وشكا: سرع، قالوا: وتستعمل «وشكان» موضع المصدر فيقال: عجبت من وشكان ذلك الأمر أي من سرعته، ذكر الشيخ ذلك في شرحه (٣) وفي الارتشاف (٤) أيضا.

وأما «شتّان»: فهو اسم لـ «افترق» (٥) وقال ابن عصفور: إنه اسم لـ «بعد» وهو بعيد. فإنه لو كان كذلك لكان مرادفا لـ «هيهات» فكان يذكر معها (٦)، قال ابن عصفور:

وهو ساكن في الأصل إلا أنه حرك لالتقاء الساكنين وكانت الحركة فتحة إتباعا لما قبلها وطلبا للخفة، ولأنه واقع موقع الماضي والماضي مبني على الفتح فجعلت حركته (٧) كحركته، قال: وزعم الزجاج أنه مصدر واقع موقع الفعل جاء على «فعلان» فخالف أخواته فبني لذلك (٨)، قال: فإن قيل لنا: فعلان في المصادر، قالوا: لوى يلوي ليّانا (٩) وشنئته شنآنا، وأنت لو وضعت ليّانا وشنآنا موضع الفعل لبقيا على إعرابهما -


(١) هذا مثل كما ذكر المؤلف، ويضرب لمن يخبر بكينونة الشيء قبل وقته، انظر مجمع الأمثال (٢/ ١١١) ورواية المثل فيه: سرعان ذا إهالة وكذا في اللسان (سرع) وقد أورده ابن منظور مشروحا كما ذكره المؤلف.
وانظر ابن يعيش (٤/ ٣٨) وانظر المثل على رواية المؤلف في الإيضاح للفارسي (ص ١٦٥) والمرتجل (ص ٢٥٨).
(٢) لغام الدّابة: لعابها وزبدها الذي يخرج من فيها معه. انظر اللسان (لغم).
(٣) التذييل (٦/ ١٩٩).
(٤) الارتشاف (٣/ ٢٠٨).
(٥) انظر اللسان (شتت).
(٦) فيما ذكره المؤلف نظر؛ لأن عدم ذكر شتان مع هيهات ليس معناه أن شتان لا تكون بمعنى بعد. وقد ذكر النحاة واللغويون أن معنى «شتان» بعد، قال أبو حيان في التذييل (٦/ ٢٠٠) «وأما شتان فاسم لتباعد» وقال ابن يعيش (٤/ ٣٦): «ومما سمي به الفعل في حال الخبر، شتان ومسماه افترق وتباعد». و «شتان» ناب عن تفرق وتباعد وهو من الأفعال التي تقتضي فاعلين لأن التفرق لا يحصل من واحد والقياس لا يأباه من جهة المعنى؛ لأنه إذا تباعد ما بينهما فقد تباعد كل واحد منهما من الآخر، راجع ابن يعيش (٤/ ٣٨). وأما «هيهات» فإنه ناب عن
«بعد» وهو يقتضي فعلا واحدا لا فعلين. والخلاصة: أنه لا مانع من كون «شتان» بمعنى: بعد، مع ملاحظة الفرق الذي ذكرته بين «بعد» هذه وبين «بعد» الذي ناب عنه «هيهات».
(٧) انظر ابن يعيش (٤/ ٣٦) والتذييل (٦/ ٢٠٠).
(٨) انظر ابن يعيش (٤/ ٣٦) والتذييل (٦/ ٢٠٠).
(٩) لواه دينه وبدينه ليّا وليّانا: مطله. انظر اللسان (لوى).

<<  <  ج: ص:  >  >>