للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولم يبنيا!! فالجواب: أنهما مصدران قد استعملا بعد فعلهما وتمكّنا؛ فإذا وقعا موقع فعلهما بقيا على إعرابهما وليس كذلك «شتان»، لأنك لا تقول: شتّ يشتّ شتّانا، وإنما استعمل في أول أحواله موضوعا موضع الفعل المبني فبني لذلك. انتهى.

وأقول: مقتضى هذا الجواب أن تبنى المصادر الملتزم إضمار ناصبها كـ «سبحان الله» و «معاذ الله» (١).

ثم قال ابن عصفور: «والأولى عندي أن يكون اسم فعل غير مصدر؛ لأن هذا البناء في المصادر ولم يجئ منه إلا «ليّان» و «شنآن» [٥/ ٣٥] وأسماء الأفعال أوسع في كلام العرب، وأكثر مما جاء من المصادر على فعلان» (٢)، ثم قال:

«وزعم الأصمعي (٣) أن العرب لا تقول: شتان ما بين زيد وعمرو وإنما تقول:

شتان زيد وعمرو، وشتان ما زيد وعمرو، قال الشاعر (٤):

٣٦٢٢ - شتّان هذا والعناق والنّوم ... والمشرب البارد في ظلّ الدّوم (٥)

-


(١) يشتمّ من كلام المؤلف هذا رائحة الاعتراض على كلام ابن عصفور السابق الذي تضمن تساؤلا أجاب عنه ابن عصفور بنفسه. وملخص هذه القضية التي أثارها ابن عصفور أن صيغة «فعلان» لا تكون إلا في المصادر فلم بني «شتان» ولم يبن «ليّان» و «شنآن» لو وضعا موضع فعلهما؟ فأجاب بأن «ليان وشنآن» قد استعملا بعد فعلهما وتمكنا فإذا وقعا موقع فعلهما بقيا على إعرابهما وليس كذلك «شتان» لأنه إنما استعمل في أول أحواله موضوعا موضع الفعل المبني فبني لذلك، وقد اعترض المؤلف على هذا الجواب قائلا: إن مقتضاه أن تبنى المصادر الملتزم إضمار ناصبها كـ «سبحان الله» و «معاذ الله». وأقول: إن هذا الاعتراض ليس في محله لأن «شتان» كما ذكر ابن عصفور استعمل في
أول أحواله موضوعا موضع الفعل المبني فإنه لا يقال: شت يشت شتانا وهذا حق، وأما «سبحان الله ومعاذ الله» فمع أنهما استعملا في أول أحوالهما كذلك إلا أن لهما فعلا التزم إضماره، ولذلك يذكر عند التفسير فيقال: سبح تسبيحا وسبحانا (اللسان: سبح)، وأعوذ بالله معاذا (اللسان: عوذ) كما أن «شتان» ليس بمصدر التزم إضمار ناصبه وإنما هو واقع موقع فعل مبني فلا بد أن يأخذ حكمه.
(٢) انظر التذييل (٦/ ٢٠٠) وقد نقل أبو حيان كلام ابن عصفور دون أن يشير.
(٣) انظر إصلاح المنطق (ص ٢٨١، ٢٨٢)، وابن يعيش (٤/ ٣٨) واللسان (شتت).
(٤) هو لقيط بن زرارة بن عدس أخي حاجب بن زرارة صاحب القوس التي يضرب بها المثل، وقد نسبه الزمخشري في أساس البلاغة (دوم) (١/ ٢٨٨) لحاجب بن زرارة.
(٥) هذا البيت من الرجز وقبله:
يا قوم قد حرقتموني باللوم ... ولم أقاتل عامرا قبل اليوم
الشرح: العناق: المعانقة، والدوم: شجر معروف، والمعنى: افترق ما أنا فيه من حرقة استماع اللوم والمعانقة والنوم والماء العذب في ظل هذا الشجر أو في الظل الدائم. قيل: وأنشده المبرد: «والمشرب الدائم في الظل الدوم»، أي -

<<  <  ج: ص:  >  >>