للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأشار المصنف إلى أن لفظ الإفراد مختار على لفظ التثنية، ولفظ الجمع مختار على لفظ الإفراد. فعلم منه أن لفظ الجمع مختار أولا ثم يليه لفظ الإفراد، ثم يليه لفظ التثنية؛ قال المصنف: وذلك أنهم استثقلوا تثنيتين في شيئين هما كشيء واحد لفظا ومعنى؛ فعدلوا إلى غير لفظ التثنية، فكان الجمع أولى؛ لأنه شريكهما في الضم وفي مجاوزة الإفراد، وكان الإفراد أولى من التثنية؛ لأنه أخف منها والمراد به حاصل؛ إذ لا يذهب وهم في نحو: أكلت رأس شاتين إلى أن معنى الإفراد مقصود، ولكن لفظ الجمع جاء في الكتاب العزيز نحو: فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما (١)، وفَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما (٢).

وفي قراءة ابن مسعود: (فاقطعوا أيمانهما) (٣)، وفي الحديث: «إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه» (٤). وجاء لفظ الإفراد أيضا في الكلام الفصيح دون ضرورة، ومنه الحديث في وصف وضوء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ومسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما» (٥).

ولم يجئ لفظ التثنية إلا في شعر، كقوله:

١٥٦ - فتخالسا نفسيهما بنوافذ ... كنوافذ العبط التي لا ترقع (٦)

-


(١) سورة التحريم: ٤.
(٢) سورة المائدة: ٣٨.
(٣) انظر تخريج القراءة المذكورة قريبا.
(٤) الحديث في مسند الإمام أحمد بن حنبل (٣/ ٥، ٦) وهو أيضا في الموطأ للإمام مالك بن أنس (ص ٥٧) (كتاب اللباس) وهو بنصه في سنن ابن ماجه: (٢/ ١١٨٣) وهو كذلك في كتاب:
النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ٤٤) الإزرة: الحالة وهيئة الائتزار مثل الركبة والجلسة.
(٥) نص الحديث في سنن ابن ماجه في كتاب الطهارة: باب ما جاء في مسح الأذنين: (١/ ١٥١) وهو كذلك في مسند الإمام أحمد بن حنبل (٦/ ٣٥٨).
(٦) البيت من بحر الكامل من قصيدة طويلة لأبي ذؤيب الهذلي، سبق الحديث عنها. وهو في هذا البيت يصف شجاعين يتبارزان كل واحد منهما يريد أن يصرع الآخر.
اللغة: فتخالسا: أي كل واحد طلب اختلاس نفس صاحبه بطعنات نافذة.
العبط: جمع عبيط والعبط: شق الجلد الصحيح، وقال: لا ترقع؛ تعظيما لشأن الطعنة وأنه لا يرتجى شفاؤها.
والبيت وشرحه في ديوان الهذليين (ص ٢٠) والشاهد في البيت قوله: نفسيهما، حيث ثنى المضاف إلى ما يتضمنه المثنى والأصل فيه الإفراد ثم الجمع.
والبيت في معجم الشواهد (ص ٢٢٧) وهو في شرح التسهيل (١/ ١٠٧) وفي التذييل (٢/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>