للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويكون ما بعدها صلة وما قبلها عاملا فيها وذلك قولك: آتي من يأتني، وأقول ما تقول، وأعطيك أيّها تشاء، فترفع لأنه لما امتنع في السعة تأخير أداة الجزاء إذا جزمت ما بعدها حملوا هذه الأسماء على «الذي» لأنه لا قبح فيه، ولم يحملوها على الجزاء إلا في الشعر، وقد تقدم عند ذكر «فاء» الجواب حكاية كلام سيبويه في هذه المسألة فلا حاجة إلى إعادته.

ويجب حكم «الذي» أيضا لـ «من» أو «ما» أو «أيّ» إذا وقعت صفة وذلك في صور:

إحداها: أن يضاف إليها حين يعني ظرف زمان كقولك: أتذكر إذ من يأتينا نأتيه، وإنما كرهوا الجزاء هاهنا لأنه ليس من مواضعه، لأن أسماء الأحيان لا تضاف إلى الجمل الشرطية، ألا ترى أنه لا يقال: أتذكر إذ إن تأتنا نأتك (١)، فلما كان قبيحا في «إن» قبح في سائر أخواتها ولم يرد إلا في الشعر كقول لبيد:

٤٠٣٦ - على حين من تكتب عليه ذنوبه ... يجد فقدها إذ في المقام تدابر (٢)

الوجه حمله على حذف ضمير الشأن، والمعنى: على حين الشأن من تكتب عليه ذنوبه يجد فقدها كما تقول: أتذكر إذ نحن من يأتنا نأته (٣)، لأن الجملة الشرطية تصح أن تكون خبرا [٥/ ١٦١] ولا يصح أن تكون مضافا إليها.

الثانية: أن تقع بعد «هل» كقولك: هل من يأتينا نأتيه؟ فليس لك في نحو هذا إلا الرفع لأن «من» موصولة ولا يجوز جعلها شرطية لأن «هل» لا يستفهم بها عن الشرطية فلا يقال: هل إن تقم أقم، ولو كان الاستفهام بالهمزة جاز وكون «من» شرطية لأنه توسّع في الهمزة فاستفهم بها عن الجمل الشرطية كما يستفهم بها عن غير ذلك كقولك: أإن تأتني آتك؟ فلما حسن دخولها على [إن حسن -


(١) انظر الكتاب (٣/ ٧٥).
(٢) هذا البيت من الطويل وهو في ديوانه (ص ٢١٧)، وقوله يجد فقدها أي: يؤلمه فقدها والشرب:
الحظ من الماء، والمقام أراد مقاما فاخر فيه غيره، والتدابر: التقاطع. والشاهد فيه المجازاة بـ «من» مع إضافة حين إليها وهو ضرورة لأن حين لا تضاف إلى الجمل الشرطية، والبيت في الكتاب (٣/ ٧٥)، والإنصاف (ص ٢٩١)، وشرح الكافية للرضي (٢/ ٢٥٨، ٢٥٩)، والتذييل (٦/ ٨٦٠)، والخزانة (٣/ ٦٤٩).
(٣) انظر الكتاب (٣/ ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>