للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ابن يزيد - يعني المبرد (١) -: هذا لحن لا تقول العرب: إن زيدا لما خارج، ولا إن زيدا لا خارج، وقال المازني (٢): لا أدرى ما وجه هذه القراءة؟، وقال الفراء (٣):

التقدير: لمن ما فلما كثر الميمات حذف منهن واحدة، فعلى هذا القول هي لام توكيد، ونعني بكثرة الميمات أن نون «من» حين أدغمت في ميم «ما» انقلبت ميما بالإدغام فصارت ثلاث ميمات، وقال المازني أيضا: إن بمعنى ما ثم ثقّلت (٤)، قال صاحب كتاب «اللامات»: فذهب المازني إلى أن «إن» إذا كانت خفيفة كانت بمعنى ما ثم تثقّل، كما أن «إن» المؤكدة تخفف ومعناها الثقيلة. انتهى كلامه.

قال الشيخ (٥): وارتباك النحويين في هذه القراءة، وتلحين بعضهم لقارئها يدل على صعوبة المدرك فيها وتخريجها على القواعد النحوية، فأما التلحين فلا سبيل إليه ألبتة لأنها منقولة نقل التواتر في السبعة، وأما من قال: لا أدري ما وجهها؟ فمعذور لخفاء إدراك ذلك عليه، وأما تأويل «إنّ» المثقّلة بأنها المخففة التي هي نافية ففي غاية من الخطأ، لأنها لو كانت نافية لم ينتصب بعدها «كل» إنما كان يرتفع، وأيضا فإنه لا يحفظ من كلامهم أن تكون المثقلة نافية.

وأما تأويل الفراء المثقلة بأنها المخففة فالآخر في غاية [٥/ ١٨٥] من الضعف، إذ لا يحفظ من كلامهم «لما» في معنى: لمن ما.

قال (٦): وقد كنت من قديم فكّرت في تخريج هذه الآية الشريفة فظهر لي تخريجها على القواعد النحوية من غير شذوذ، وهو أن «لمّا» في قراءة من نصب «كلا» وخففت «إن» أو ثقلها هي الجازمة وحذف الفعل المعمول لها لدلالة معنى الكلام عليه، فيكون نظير قولهم: قاربت المدينة ولمّا، ويريد: ولمّا أدخلها، فيكون معنى الآية: وإن كلّا لمّا يبخس أو ينقص عمله، أو ما كان من هذا المعنى، فحذف -


(١) بحثت في كتابي «المقتضب» و «الكامل» للمبرد فلم أعثر على النص المذكور.
(٢) في التذييل «وقال الكسائي» والصواب أنه المازني بدليل قوله «بعد»: وقال المازني أيضا.
(٣) انظر معاني القرآن (٢/ ٢٩).
(٤) انظر الأشباه والنظائر (١/ ١٣٧).
(٥) أي في التذييل (٦/ ٩٥٨).
(٦) أي الشيخ في التذييل (٦/ ٩٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>