للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفعل لدلالة قوله تعالى: لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ عليه، لأنه تعالى لما أخبر أن كل إنسان لا يبخس شيئا من عمله أكد ذلك بالقسم عليه فقال: ليوفينهم ربك أعمالهم.

قال (١): ولم يهتد أحد من النحويين الذين وقفنا على كلامهم في هذه الآية إليه على وضوحه واتجاهه في علم العربية، والعلوم كنوز تحت مفاتيح الفهوم، ثم إني حين وصلت في تفسير القرآن العزيز في كتابي المسمى بـ «البحر المحيط» وجدت شيخنا أبا عبد الله بن النقيب (٢) [قد حكى عن أبي عمرو بن الحاجب أن لمّا هنا هي الجازمة وحذف الفعل بعدها (٣)، ذكر ذلك] ابن النقيب في تفسيره الذي سمّاه بـ «التجريد» والتحبير لأقوال أهل التفسير» انتهى.

وأقول: أما الشيخ فقدره جليل، ولا يشك أحد في علو طبقته وارتفاع شأنه في علم العربية، وكم له من مشكل حلّه، وعسر خرّجه، وخفىّ أوضحه، وغامض أبرزه، وما أنشأه من المصنفات المختصرات والمطولات لا سيما التفسير يشهد له بأكثر مما ذكرته، ومن هو بهذه الصفات كيف لا يدرك مثل ذلك؟ فأنا واحد من أقل الطلبة الذين أخذوا عنه ولقد يسّر الله تعالى لي الجواب عن هذه الآية الشريفة، وهي وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ (٤) بأن قلت: إن «لمّا» هي النافية، وأن الفعل المنفي بها محذوف يدل عليه قوله تعالى:

لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ وكان السائل عن ذلك بعض الفضلاء فبعد أيام قال لي: إن الجواب الذي ذكرته ذكره أبو شامة (٥) في (شرح الشاطبية) نقلا عن -


(١) المرجع السابق.
(٢) هو جمال الدين محمد بن سليمان بن حسن المقدسي مفسر من فقهاء الحنفية، وأصله من بلخ ومولده في المقدس، انتقل الى القاهره وأقرأ في بعض مدارسها وعاد إلى المقدس فتوفي بها سنة (٦٩٨ هـ).
انظر الأعلام (٧/ ٢١).
(٣) انظر البحر المحيط (٥/ ٢٦٧، ٢٦٨).
(٤) سورة هود: ١١١.
(٥) أبو شامة: عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي أبو القاسم شهاب الدين أبو شامة، مؤرخ، محدث، باحث، أصله من القدس ومولده في دمشق، وبها منشأه ووفاته ولقب أبي شامة لشامة كبيرة كانت فوق حاجبه الأيسر. له مصنفات كثيرة منها: «إبراز
المعاني» في شرح -

<<  <  ج: ص:  >  >>