أدنس في الآثام أم عسل؟ وأزيد خارج أم عمرو مقيم؟ وليس لك أن تعيد الهمزة بعد «أم» كما تعيد الجارّ في التوكيد في نحو: أبزيد مررت أم بعمرو؟ لأنها [لما] لم تقع للتأسيس بعد العاطف كانت عن وقوعها للتوكيد بعده أبعد. وأما [هل] فيجوز فيها مع «أم» المنقطعة أن لا تعاد استغناء بدلالة العاطف على التشريك نحو:
هل قام زيد أم خرج عمرو؟ ويجوز أن تعاد توكيدا لأنه لا يمتنع دخول العاطف عليها نحو: هل قام زيد أم هل خرج عمرو؟ وقال الله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ (١) فجمع بين الاستعمالين.
فإن قلت: كيف يصح الجمع بين «هل» و «أم» المنقطعة والنحويون يقولون:
إنها تفيد الاستفهام والإضراب معا؟
قلت: يتجه ذلك على أن تكون «أم» دالة على الإضراب بالوضع وعلى الاستفهام إذا لم يذكر بعدها بالالتزام العرفي، فإنها لا تدخل إلا على جملة استفهامية فصار لفظها مشعرا بالاستفهام فيجوز إظهاره بعدها على الأصل، ويجوز إضماره استغناء بدلالة «أم».
فأما قوله: ويجوز في «هل» أن لا تعاد لشبهها بالهمزة في الحرفيّة وأن تعاد لشبهها بأخواتها في عدم الأصالة، فكلام غير محقق فإن عدم إعادة «هل» بعد «أم» مثل عدم إعادة الهمزة في كونه على وفق الدليل فلا فائدة في قياس جواز أحدهما على جواز الآخر، وإعادة «هل» بعد «أم» ليست مثل إعادة أخواتها من أسماء الاستفهام، فإن «هل» تعاد توكيدا كما سبق، وغيرها يعاد تأسيسا إذا قصد معناه وإذا لم يقصد معناه لم يذكر تقول: متى قام زيد أم متى خرج عمرو؟ إذا أضربت عن الاستفهام عن وقت قيام زيد إلى الاستفهام عن وقت خروج عمرو، وإن أضربت عن ذلك إلى الاستفهام عن نفس الخروج أو عن أمر آخر متعلق به قلت: متى قام زيد أم متى خرج عمرو؟ ومتى قام زيد أم أين خرج عمرو؟ أو نحو ذلك.
وقد تدخل الهمزة على «هل» فتتعين أن تكون المرادفة لـ «قد» كقول الشاعر: -