للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الظَّالِمِينَ (١)» وأنشد:

٢٨٨ - تبكي على لبنى وأنت تركتها ... وكنت عليها بالملا أنت أقدر (٢)

قال المصنف في شرح الكافية:

«البصريّون يلتزمون الرّفع في كلّ ما كان فيه الثّاني غير الأوّل، نحو: كان زيد هو القائمة جاريته؛ فإن قلت كان زيد هو القائم الجارية أجازوا النّصب» انتهى (٣).

ثم ها هنا أمران:

أحدهما: أن هؤلاء العرب المشار إليهم الملتزمين لابتدائية هذا الضمير والإخبار عنه بما بعده لا يعرفون ضمير الفصل، أي لا يستعملونه في أساليب كلامهم، وإذا نطقوا بكلام غيرهم وكان مشتملا على الضمير المذكور - رفعوا ما بعده إن لم يكن مرفوعا، وجعلوه خبرا عنه؛ حتى إنهم يعدلون في الصورتين اللتين تعينت الفصلية فيهما عن نصب ما هو بعد ذلك الضمير إلى رفعه.

والحاصل: أنهم لا ينطقون بالفصل أصلا. -


(١) سورة الزخرف: ٧٦، قال الفراء: «من جعل (هم) عمادا نصب الظّالمين، ومن جعلها اسما رفع وهي في قراءة عبد الله ولكن كانوا هم الظالمون». (معاني القرآن للفراء: ٣/ ٣٧).
(٢) البيت من بحر الطويل، وهو لقيس بن ذريح الكناني صاحب لبنى بنت الحباب الكعبية.
وكان قد تزوجها ثم طلقها وندم على ذلك، ومما قاله في ذلك بيت الشاهد وبعده:
فإن تكن الدّنيا بلبنى تقلّبت ... عليّ فللدّنيا بطون وأظهر
لقد كان فيها للأمانة موضع ... وللكفّ مرتاد وللعين منظر
اللغة: تبكي: البكاء معروف؛ وفيه خرم وهو حذف أول الوتد المجموع، وروي بهمزة الاستفهام فلا خرم، كما روي مكانه: تحن إلى ليلى. الملا: المتسع من الأرض.
وهو في البيت والقصيدة يندم على ما فعل مع زوجته.
وشاهده قوله: وكنت عليها بالملا أنت أقدر؛ حيث جاء ما بعد ضمير الفصل مرفوعا وحقه النصب.
والبيت في معجم الشواهد (ص ١٣٥)، وفي التذييل والتكميل (٢/ ٣٠٣)، وفي شرح التسهيل (١/ ١٦٩).
ترجمة قيس: هو قيس بن ذريح بفتح الذال، من بني كنانة، أحد عشاق العرب المشهورين، وصاحبته لبنى التي ذكرنا طرفا من أخباره معها في بيت الشاهد. وقد أرضعت أمه الحسين بن علي، فهو أخو الحسين في الرضاعة. عاش زمن معاوية الخليفة، وقد أهدر معاوية دمه لأنه تعرض في شعره للنبي عليه السّلام.
(انظر أخباره في الشعر والشعراء: ٢/ ٦٣٢).
(٣) شرح الكافية الشافية لابن مالك (١/ ٢٤٦) تحقيق د/ عبد المنعم هريدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>