«وإذا قلنا: المراد بتعريف الحقيقة القصد إليها حال حضورها أو تقدير حضورها لم يمتز عن تعريف العهد لوارد بالتحقيق أو بالتقدير؛ لأن تعريف العهد ليس شيئا غير القصد إلى الحاضر في الذهن حقيقة أو مجازا كقولك: جاءني رجل فقال الرجل كذا. وانطلق رجل إلى موضع كذا. والمنطلق ذو جد، وإذا قلنا: المراد بتعريف الحقيقة هو الاستغراق لزم في اللام كونها موضوعة لغير التعريف إذا تأملت، ولزم مع ذلك أن يكون الجمع بينها وبين لفظ المفرد جمعا بين المتنافيين». ثم قال: «والأقرب بناء على قول بعض أئمة أصول الفقه بأن اللام موضوعة لتعريف العهد لا غير هو أن يقال: المراد بتعريف الحقيقة أحد قسمي التعريف، وهو تنزيلها منزلة المعهود بوجه من الوجوه الخطابية إما لأن ذلك الشيء محتاج إليه على طريق التحقيق، فهو لذلك حاضر في الذهن، فكأنه معهود، أو على طريق التهكم، وإما لأنه عظيم الخطر معقود به الهمم وقلما ينسى، وإما لأنه لا يغيب عن الحس فهو حاضر، وإما لأنه جار على الألسن كثيرا لوروده في الكلام، وإما لأن أسبابا في شأنه متآخذة، أو غير ذلك مما يجري مجرى هذه الاعتبارات، فتقام الحقيقة لذلك مقام المعهود ويقصد إليها بلام التعريف». (مفتاح العلوم: ص ٩٣). (١) سورة النساء: ٢٨. (٢) شرح التسهيل (١/ ٢٥٨).