للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: ولا يجري ذلك المجرى باستحسان إلى آخره - يريد أن الوصف المشار إليه لا يحسن عند سيبويه الابتداء به على الوجه الذي تقرر إلا بعد استفهام أو نفي.

قال المصنف: وإن فعل به ذلك دون استفهام أو نفي قبح عنده دون منع. هذا مفهوم كلامه في باب الابتداء ولا معارض له في غيره، ومن زعم أن سيبويه لم يجز جعله مبتدأ إذا لم يل استفهاما ولا نفيا فقد قوّله ما لم يقل.

وسرد الشيخ كلام سيبويه في باب الابتداء لينظر فيه فقال (١):

قال سيبويه في باب الابتداء (٢): «وزعم الخليل رحمه الله أنه يستقبح أن يقول: قائم زيد؛ وذلك إذا لم تجعل قائما مبنيّا مقدما على المبتدأ كما تؤخر وتقدم فتقول:

ضرب زيدا عمرو، وعمرو على ضرب مرتفع، وكان الحد أن يكون مقدما ويكون زيد مؤخرا، وكذلك هذا الحد فيه أن يكون الابتداء فيه مقدّما، وهذا عربيّ جيد، وكذلك قولك: تميميّ أنا، ومشنوء من يشنؤك، ورجل عبد الله وخزّ صفتك.

فإذا لم يريدوا هذا المعنى وأرادوا أن يجعلوه فعلا كقوله: يقوم زيد وقام زيد - قبح لأنه؛ اسم وإنما حسن عندهم

أن يجري مجرى الفعل إذا كان صفة جرى على موصوف أو جرى على اسم قد عمل فيه، كما أنه لا يكون مفعولا في ضارب حتى يكون محمولا على غيره، فتقول هذا ضارب زيد وأنا ضارب زيد؛ ولا يكون ضارب زيدا على ضربت زيدا وضربت عمرا (٣) فكما لم يجز هذا كذلك استقبحوا أن يجري مجرى الفعل المبتدأ، وليكون بين الفعل والاسم فصل وإن كان موافقا له في مواضع كثيرة، فقد يوافق الشيء الشيء ثم يخالفه؛ لأنه ليس مثله».

قال المصنف - بعد تقرير مذهب سيبويه -: (٤) وأما الأخفش فيرى ذلك حسنا، ويدل على صحة استعماله قول الشّاعر: -


(١) التذييل والتكميل (٣/ ٢٧٣).
(٢) نصه في الكتاب (٢/ ١٢٧).
(٣) في هامش كتاب سيبويه: (٢/ ١٢٦) كتب الأستاذ عبد السّلام هارون قائلا: قال السيرافي:
«يريد أنّ قولك: قائم زيد قبيح إن أردت أن تجعل قائم المبتدأ وزيد خبره أو فاعله وليس بقبيح أن تجعل قائم خبرا مقدّما والنيّة فيه التأخير كما تقول: ضرب زيدا عمرو والنية تأخير زيد الذي هو مفعول وتقديم عمرو الّذي هو فاعل».
(٤) شرح التسهيل (١/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>