للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإدخالهم إلّا على خبر كل دليل على أن المعنى ما منهم إلا من وجدته، فلما دخل الكلام معنى ما - وهي من الأدوات التي لا يتقدم ما بعدها عليها - أشبهت لذلك الموصول؛ لأن الصلة لا تتقدم على الموصول، فساغ حذف الضمير لذلك.

ثم قال ابن عصفور: «والأصح مذهب البصريين، وفرق بين الصلة والخبر بأن الحذف منهما لا يؤدي إلى التهيئة

والقطع؛ إذ الصلة لا تعمل في الموصول، وليس كذلك أسماء الاستفهام وكلّ وكلا؛ لأن ما بعد هذه الأسماء يجوز أن يعمل فيها، وأيضا فالصلة والموصول كالشيء الواحد، فطال بذلك الموصول بصلته، والطول موجب للتخفيف بالحذف، وليست هذه الأسماء مع أخبارها كذلك».

انتهى كلام ابن عصفور (١).

وقد انتقد الشيخ على المصنف دعوى الإجماع في هذه المسألة، وقال كما قال ابن عصفور: إن هذا ليس مذهب البصريين (٢).

والعجب من الشيخ؛ كيف وافق ابن عصفور على ما ذكر بعد ثبوت هذه القراءة المتواترة التي لا محيص عنها ولا بد من الاعتراف بها (٣) وليس بعد الحق إلا الضلال.

ودعوى المصنف الإجماع في هذه المسألة لا ينكر؛ لأن هذه القراءة ثابتة بالإجماع، وليس لها محمل غير ما ذكره المصنف، فلا يمكن أن يدفع ذلك بصري ولا كوفي.

وإذا كان كذلك فقد صدق أن الضمير حذف من الجملة الواقعة خبر كل بإجماع، يعني أن أحدا لا يسعه المخالفة في ذلك. أما كون ذلك قليلا أو غير قليل فشيء آخر لم يتعرض المصنف إليه، وكيف يجوز أن يقال: هذا مذهب قال به طائفة مع الثبوت الذي لا محيد عنه.

الأمر الثالث:

انتقد الشيخ كلام المصنف في المتن والشرح من وجوه: أحدها: ما تقدمت -


(١) لم أجد هذه النقول المنسوبة لابن عصفور بنصها في كتابيه المشهورين في هذا الباب: شرح الجمل - المقرب، وأقصى ما وجدته له ما نقلته عنه قريبا من كتابه: الضرائر الشعرية.
(٢) قال أبو حيان: «وأين ما ادّعى المصنف من الإجماع في كل وما أشبهه في العموم، ولم يقل به في كل إلّا الفراء في نقل، وإلّا الفراء والكسائي في نقل آخر». (التذييل والتكميل ٤/ ٤٥).
(٣) أي قراءة ابن عامر برفع كل في قوله تعالى: وكلا وعد الله الحسنى [الحديد: ١٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>