للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الهبة]

التَّمْلِيكُ بِلَا عِوَضٍ هِبَةٌ، فَإِنْ مَلَّكَ مُحْتَاجًا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ فَصَدَقَةٌ، وَإِنْ نَقَلَهُ إلَى مَكَانِ المَوْهُوبِ إكْرَامًا لَهُ فَهَدِيَّةٌ. وَشَرْطُ الهِبَةِ إيجَابٌ وَقَبُولٌ لَفْظًا

[كتاب الهبة]

من هب إذا مرّ؛ أو إذا استيقظ. والأصل في ندبها بسائر أنواعها الآتية -قبل الإجماع- الكتاب والسنة وورد ((تهادوا تحابّوا))، نعم يستثنى من ذلك (١) أرباب الولايات والعمال فإنه يحرم عليهم قبول الهبة والهدية بتفصيله الآتي في القضاء. ويحرم الإهداء لمن يظن فيه صرفها في معصية (التمليك) لعين أو دين بتفصيله الآتي أو منفعة على ما يأتي (بلا عوض هبة) بالمعنى الأعم الشامل للهدية والصدقة وقسيمهما. فخرج بالتمليك العارية والضيافة فإنها إباحة والملك إنما يحصل بالازدراد، والوقف فإنه بمنزلة الإباحة (٢)، ولا تخرج الهدية من الأضحية لغني فإن فيه تمليكا، وبلا عوض نحو البيع كالهبة بثواب وسيأتي. وزيد في الحد في الحياة لتخرج الوصية فإن التمليك فيها إنما يتم بالقبول وهو بعد الموت، وتطوعا ليخرج نحو الزكاة والنذر والكفارة (فإن مَلَّك) أي: أعطى شيئا بلا عوض (محتاجا) وإن لم يقصد الثواب، أو غنيا (لثواب الآخرة) أي لأجله (فصدقة) أيضا، وهي أفضل الثلاثة، (وإن نقله) أي المُمَلَّك بلا عوض (إلى مكان الموهوب له إكراما) -بخلاف ما ينقل للرشوة أو لخوف الهجو مثلا- (فهدية) ولا يقع اسم الهدية على ما لا ينقل كالعقار بخلاف الإهداء فيطلق على ذلك (وشرط الهبة) التي هي قسيم للصدقة والهدية -والمراد بالشرط هنا ركنها- فالأول عاقدان والثاني الموهوب، والركن الثالث (إيجاب) كوهبتك ومنحتك وملكتك (٣) وعظمتك وأكرمتك ونحلتك هذا، وكذا أطعمتك ولو في غير الطعام (وقبول) كقبلت واتهبت ورضيت (لفظا (٤) في حق الناطق وإشارة في حق الأخرس; لأنها تمليك في الحياة كالبيع، ومن ثم انعقدت


(١). وتقدم في التيمم أنه لو وهب له ماء وجب القبول ١/ ٣٣٨.
(٢). وفاقا للنهاية وخلافا للمغني.
(٣). أما إن قال وهبتك أو ملكتك ذا بكذا فهو صريح بيع كما تقدم في بابه ٤/ ٢١٨.
(٤). ولو من ناظر الوقف كما نص عليه الشارح في بابه ٦/ ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>