للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَصِحُّ عَلَى مَاضٍ وَمُسْتَقْبَلٍ. وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ إلَّا فِي طَاعَةٍ. فَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ عَصَى وَلَزِمَهُ الحِنْثُ وَكَفَّارَةٌ

[تنبيه] المراد تفسير اليمين بلا والله وبلى والله على البدل لا على الجمع. أما لو قال لا والله وبلى والله في وقت واحد فإن قصد (١) الثانية أو شك في قصدها وقع -؛ لأنها استدراك فكانت مقصودة- وإلا فلغو. ولو قصد الحلف على شيء فسبق لسانه لغيره فهو من لغوها (٢). ولا تقبل ظاهرا دعوى اللغو في طلاق أو عتق أو إيلاء كما مر. (وتصح) اليمين (على ماضٍ) كما فعلت كذا أو فعلته إجماعا (و) على (مستقبل) كلأفعلن كذا أو لا أفعله; للخبر الصحيح ((والله لأغزون قريشا)). (وهي) أي اليمين (مكروهة)؛ لقوله تعالى {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} البقرة: ٢٢٤ (إلا في طاعة) من فعل واجب أو مندوب وترك حرام أو مكروه فطاعة؛ اتباعا للخبر السابق ((والله لأغزون قريشا)) وإلا لحاجة كتوكيد كلام كقوله -صلى الله عليه وسلم- ((فوالله لا يمل الله حتى تملوا)) أو تعظيم أمر كقوله ((والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا)) وإلا في دعوى عند حاكم فلا يكره، بل يسن الأولان -أي التوكيد والتعظيم- إن كانا دينيين كما في الحديثين، وفي الأخير إن قصد صون المستحلف له عن الحرام لو رَدَّ عليه ومع ذلك فتعففه عن اليمين وتحليله أكمل. (فإن حلف على ترك واجب أو فعل حرام عصى) بالحلف، نعم لا يعصي من حلف على ترك واجب على الكفاية لم يتعين عليه أو يمكن سقوطه كالقود يسقط بالعفو (ولزمه الحنث (٣) ; لأن الإقامة على هذه الحالة معصية (وكفارة)، ومثله لو حلف بالطلاق ليصومن العيد فيلزمه الحنث ويقع عليه الطلاق لكن مع غروبه؛ لاحتمال موته قبله. ولو كان له طريق غير الحنث كما لو حلف أن لا ينفق على زوجته لم يلزمه الحنث؛ إذ يمكنه إعطاؤها من صداقها أو يقرضها ثم يبرئها.


(١). خلافاً لظاهر النهاية من انعقادها مطلقاً.
(٢). وليس منه ما إذا دخل على صاحبه فأراد أن يقوم له فقال: ((والله لا تقم لي))، وفاقاً للنهاية وخلافاً للمغني.
(٣). قال الشارح في الطلاق بعد كلام له: ((والحاصل أنه حيث خص يمينه بالمعصية أو أتى بما يعمها قاصداً دخولها أو دلت عليه قرينة حنث بخلاف من أطلق ولا قرينه فيحمل على الجائز؛ لأنه الممكن شرعاً والسابق إلى الفهم، ومنه أن يحلف لا يفارقه ظاناً يساره فبان إعساره فلا يحنث بمفارقته))، ثم ذكر بعده كلاماً يتعين الوقوف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>