للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ أَجْنَبِيٌّ المَغْصُوبَ فَلَا قَطْعَ فِي الْأَصَحِّ. وَلَا يُقْطَعُ مُخْتَلِسٌ وَمُنْتَهِبٌ وَجَاحِدٌ وَدِيعَةٍ. وَلَوْ نَقَبَ وَعَادَ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى فَسَرَقَ قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ. قُلْتُ: هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمِ الِمَالِكُ النَّقْبَ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِلطَّارِقِينَ، وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ قَطْعًا، وَاَللهُ أَعْلَمُ

والمخلوط به، ولا ينافي هذا قطع دائن سَرَق مال مدينه لا بقصد الاستيفاء بشرطه؛ لأنه محرز بحق والدائن مقصر بعدم مطالبته أو نيته الأخذ للاستيفاء على ما مر، ومن ثم قطع راهن ومؤجر ومعير ومودع ومالك مال قراض بسرقته مع مال نفسه نصابا آخر دخل بقصد سرقته أي أو اختلف حرزهما، فقولهم لا يقطع مشتر وفَّى الثمن بأخذ نصاب مع المبيع محله إن دخل لا لسرقته وقد اتحد حرزهما (أو) سرق (أجنبي) منه المال (المغصوب) أو المسروق (فلا قطع) عليه (في الأصح) وإن أخذه لا بنية الرد على المالك؛ لأن المالك لم يرض بإحرازه فيه فكأنه غير محرز، وقد يؤخذ منه أن كلَّ ما تعدى بوضع اليد عليه كالمبيع فاسدا ليس كالمغصوب من حيث إن مالك هذا لا يقال أنه لم يرض بإحرازه وإن كان مثله في الضمان.

(و) الركن الثاني السرقة

ومرّ أنها أخذ المال خفية من حرز مثله، فحينئذ (لا يقطع مختلس ومنتهب وجاحد وديعة) أو عارية مثلا؛ لخبر الترمذي بذلك، والأولان يأخذان المال عيانا وأولهما يتعمد الهرب وثانيهما القوة فيسهل دفعهما بنحو السلطان بخلاف السارق لا يتأتى منعه فقطع؛ زجرا له (ولو نقب) في ليلة (وعاد في ليلة أخرى فسرق) من ذلك النقب (قطع في الأصح) كما لو نقب أول الليل وسرق آخره؛ إبقاء للحرز بالنسبة إليه أما، إذا أعيد الحرز أو سرق عقب النقب فيقطع قطعا (قلت: هذا إذا لم يعلم المالك النقب ولم يظهر للطارقين، وإلا) بأن علم أو ظهر لهم (فلا يقطع قطعا، والله أعلم)؛ لانتهاك الحرز فصار كما لو نقب وأخرج غيره، وفارق إخراج نصاب من حرز دفعتين بأنه ثَم متمم لأخذه الأول الذي هتك به الحرز فوقع الأخذ الثاني تابعا فلم يقطعه عن متبوعه إلا قاطع قوي- وهو العلم والإعادة السابقان دون أحدهما ودون مجرد الظهور لأنه يؤكد الهتك الواقع فلا يصلح قاطعا له -وهنا مبتدئ سرقة مستقلة لم يسبقها هتك الحرز بأخذ شيء منه لكنها مترتبة على فعله المركب من جزأين مقصودين هما نقب سابق وإخراج لاحقن، وإنما يتركب منهما إن لم يقع بينهما فاصل أجنبي عنهما وإن ضعف فكفى تخلل علم المالك أو الظهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>