للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَسْلَمَ صَحَّ وَتُرِكَ. وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُهُ إنِ ارْتَدَّ إلَى كُفْرٍ خَفِيٍّ كَزَنَادِقَةٍ وَبَاطِنِيَّةٍ. وَوَلَدُ المُرْتَدِّ إنِ انْعَقَدَ قَبْلَهَا، أَوْ بَعْدَهَا وَأَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ فَمُسْلِمٌ، أَوْ مُرْتَدَّانِ فَمُسْلِمٌ، وَفِي قَوْلٍ مُرْتَدٌّ، وَفِي قَوْلٍ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ

سبق له من حرمة الإسلام (وإن أسلم (١) صح) إسلامه (وتُرِك) لقوله تعالى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} الأنفال: ٣٨، وشمل كلامه من كفر بسبِّه -صلى الله عليه وسلم- أو بسب نبي غيره (وقيل لا يقبل إسلامه إن ارتد إلى كفر خفي كزنادقة وباطنية) ; لأن التوبة عند الخوف عين الزندقة، والزنديق من لا ينتحل دينا، والباطني من يعتقد أن للقرآن باطنا غير ظاهره وأنه المراد منه وحده أو مع الظاهر (٢) وليس منه إشارات الصوفية التي في تفاسيرهم كتفسير السلمي والقشيري; لأن أحدا منهم لم يدع أنها مرادة من لفظ القرآن وإنما هي من باب أن الشيء يتذكر بذكر ماله به نوع مشابهة وإن بعدت. ولا بد في الإسلام مطلقا وفي النجاة من الخلود في النار من التلفظ بالشهادتين من الناطق فلا يكفي ما بقلبه من الإيمان; لأن تركه للتلفظ بهما مع قدرته عليه وعلمه بشرطيته أو شطريته لا يقصر عن نحو رمي مصحف بقذر، فيتلفظ ولو بالعجمية وإن أحسن العربية- والفرق بينه وبين تكبيرة الإحرام جلي -بترتيبهما (٣)، ثم الاعتراف برسالته -صلى الله عليه وسلم- ممن ينكرها- أو البراءة من كل دين يخالف دين الإسلام -وبرجوعه عن الاعتقاد الذي ارتد بسببه. ولا يعزر مرتد تاب على أول مرة خلافا لما يفعله جهلة القضاة، ومن جهلهم أيضا أن من ادعي عليه عندهم بردة أو جاءهم يطلب الحكم بإسلامه يقولون له تلفظ بما قلت وهذا غلط فاحش.

[فرع] لا يشترط في صحة الإسلام تكرير لفظ أشهد (٤). (وولد المرتد إن انعقد قبلها) أي الردة (أو بعدها وأحد أبويه) من جهة الأب أو الأم وإن علا أو مات (مسلم فمسلم)؛ تغليبا للإسلام (أو) وأبواه (مرتدان) وليس في أصوله مسلم (فمسلم) فلا يسترق ويرثه قريبه المسلم، ويجزئ عتقه عن الكفارة إن كان قنا؛ لبقاء علقة الإسلام في أبويه (وفي قول) هو (مرتد)؛ تبعا لهما (وفي قول) هو (كافر أصلي)؛ لتولده بين كافرين ولم يباشر إسلاما حتى يغلظ عليه فيعامل


(١). قال المغني إن الأحسن التعبير بأسلما وردَّ عليه الشارح.
(٢). خلافا للمغني فقصر الباطني على الأول.
(٣). قضية صنيعه عدم اعتبار الموالاة بينهما وفاقا للمغني وخلافا للنهاية ووالده.
(٤). أما أشهد الأولى فواجب ذكرها إلا في إيمان الاحتياط. تحفة ١٠/ ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>