بالسراية، وفارق ما تقرر في المعاني كالضوء بأنها لا توجد مستقلة بل تابعة لغيرها فلا يقصد بالجناية عليها إلا محلها أو مجاورة فكانت الجناية عليه تعد قصدا لتفويتها فتحققت العمدية فيها والأجرام توجد مستقلة فلم يقصد بالجناية عليها غيرها ولم تعد قصدا لتفويتها فلم ينظر للسراية فيها لعدم تحقق العمدية حينئذ، ومن ثم لم تقع سراية جسم لجسم قصاصا فلو قطع أصبعا فسرت للبقية فقطعت أصبعه فسرت كذلك لزمه أربعة أخماس دية العمد; لأنها سراية جناية عمدا، وإنما جعلت خطأ في سقوط القصاص فقط، وتدخل في الأربعة الأخماس حكومةُ منابت الكف، وفارق ما هنا وجوب القود فيما لو ضرب يده فتورمت ثم سقطت بعد أيام بأن الجناية على جميع اليد قصدا فلا سراية.
(باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه) والعفو عنه
(لا تقطع) عَبَّر به للغالب، والمراد لا تؤخذ؛ ليشمل المعاني أيضا (يسار بيمين) من سائر الأعضاء والمعاني؛ لاختلافهما محلا ومنفعة فلم توجد المساواة التي هي المقصودة من القصاص (ولا شفة سفلى بعليا) ولا جفن أسفل بأعلى (وعكسه)؛ لذلك وإن تراضيا ففي المأخوذ بدلا الدية ويسقط القود في الأول؛ لتضمن التراضي العفو عنه (ولا أَنمُلة بأخرى) ولا أصبع بأخرى، ولا أصلي بزائد مطلقا (ولا زائد) بأصلي أو (بزائد) دونه مطلقا، أو مثله ولكنه (في محل آخر) غير محل ذلك الزائد؛ لذلك أيضا بخلاف ما إذا ساوى الزائد الزائد، أو الأصلي وكان بمحله؛ للمساواة حينئذ، ولا يؤخذ حادث بعد الجناية بموجود فلو قلع سنا ليس له مثلها ثم نبت له مثلها لم يقلع. (ولا يضر) مع اتحاد المحل ونحوه مما مر (تفاوت كبر وطول وقوة بطش) ونحوها (في أصلي)؛ لإطلاق النصوص، نعم لو قطع مستوي اليدين يدا أقصر من أختها لم تقطع يده بها؛ لنقصها بالنسبة لأختها وإن كانت كاملة في نفسها، ومن ثم وجبت فيها دية ناقصة حكومة، ومحل عدم ضرر التفاوت فيما ذكر في تفاوت خلقي أو بآفة، أما نقص نشأ عن جناية مضمونة فيمنع أخذ الكاملة ويوجب نقص الدية.