صورته تقع في العادة للمخلوق كثيرا بخلاف السجود، نعم محل الفرق بينهما عند الإطلاق بخلاف ما لو قصد تعظيم مخلوق بالركوع كما يعظم الله به فإنه لا شك في الكفر حينئذ.
[تنبيه] اختلفوا هل الإيمان التصديق فقط كما عليه المتكلمون؟ أو التصديق مع الكلمتين كما عليه الفقهاء، وعلى الأول فالإيمان له حيثيتان النجاة في الآخرة وشرطها التصديق فقط وإجراء أحكام الدنيا ومناطها النطق بالشهادتين مع عدم السجود لغير الله ورمي المصحف بقاذورة وغير ذلك من الصور التي حكم الفقهاء بأنها كفر فالنطق غير داخل في حقيقة الإيمان وإنما هو شرط لإجراء الأحكام الدنيوية، فالنطق بالشهادتين شرط على قول المتكلمين شطر على قول الفقهاء، نعم ليس مراد الفقهاء بذلك أن النطق ركن حقيقي وإلا لم يسقط عند العجز والإكراه، بل أن دال على الحقيقة التي هي التصديق؛ إذ لا يمكن الاطلاع علي، وقيل إن قول المتكلمين هو أنها ليست شرطاً ولا شطراً بل التارك لها مؤمن عاصي، وقيل إن قول الفقهاء هو إن التارك للنطق مخلد في النار سواء قلنا شطر أو شرط فالمعتمد أنه لا بد في الإسلام وفي النجاة من الخلود في النار من النطق بالشهادتين (١). (ولا تصح) يعني توجد؛ إذ الردة معصية كالزنا لا توصف بصحة ولا بعدمها (ردة صبي ومجنون)؛ لرفع القلم عنهما (ومكره) على مكفِّر قلبه مطمئن بالإيمان؛ للآية، وكذا إن تجرد قلبه عنهما؛ لإطلاقهم أن المكره لا تلزمه التورية (ولو ارتد فجن) أمهل احتياطا; لأنه قد يعقل ويعود للإسلام و (لم يقتل في جنونه) وجوبا؛ لوجوب الاستتابة المستلزم لوجوب التأخير إلى الإفاقة، ولا شيء على قاتله غير التعزير. وخرج بالفاء ما لو تراخى الجنون عن الردة واستتيب فلم يتب ثم جنَّ فلا يجب التأخير (والمذهب صحة ردة السكران) المتعدي بسكره وإن كان غير مكلف كطلاقه تغليظا عليه وقد اتفق الصحابة رضوان الله عليهم على مؤاخذته بالقذف وهو دليل على اعتبار أقواله. ويستتاب في حال سكره؛ لاحتمال موته فيه، ثم بعد إفاقته؛ خروجا من خلاف من منع استتابته حال سكره، ومن ثم لم تجب إلا بعد إفاقته، فإن قتل في سكره فلا شيء فيه. أما غير المتعدي بسكره فلا تصح ردته كالمجنون (وإسلامه) سواء ارتد في سكره أم قبله؛ لما
(١). الترجيح ذكره الشارح بعد كلامه على إشارات الصوفية ٩/ ٩٧.