للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا ظَهَرَ تَغَيُّرُ لَحْمِ جَلَّالَةٍ حَرُمَ أَكْلُهُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ يُكْرَهُ، وَاَللهُ أَعْلَمُ، فَإِنْ عُلِفَتْ طَاهِرًا فَطَابَ لَحْمُهَا حَلَّ. وَلَوْ تَنَجَّسَ طَاهِرٌ كَخَلٍّ وَدُبْسٍ ذَائِبٍ حَرُمَ.

ويظهر تقديم الطبع؛ لقوة دلالة الأخلاق على المعاني الكامنة في النفس فالطعم فالصورة، فإن استوى الشبهان أولم نجد له شبها حل؛ لقوله تعالى {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الأنعام: ١٤٥ .. الآية.

[تنبيه] يتعين حمل قولهم ((أو طعما)) على ما إذا وجدنا عدلا ولو عدل رواية يخبر بمعرفة طعم هذا وأنه يشبه طعم حيوان يحل أو يحرم فيعمل بخبره ويقدم حينئذ على الأشبه به صورة، أما إذا لم يوجد هذا فلا يعول إلا على المشابهة الطبيعية (١) فالصورية، وسبب حملنا هذا إن القول بالطعم يتوقف على أكلنا من حيوانات تحل وحيوانات تحرم إلى أن نجد الأشبه وهذا متعذر، (وإذا ظهر تغير) طعم أو لون أو ريح (لحم جلالة) وهي آكلة الجَلة أي النجاسة كالعذرة (حرم أكله) كسائر أجزائها وما تولد منها كلبنها وبيضها. ويكره إطعام مأكولة نجاسة، وأفهم ربط التغير باللحم أنه لا أثر لتغير نحو اللبن وحده؛ لأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع (وقيل يكره، قلت: الأصح يكره والله أعلم) ; لأن النهي لتغير اللحم وهو لا يحرم كما لو نتن لحم المذكاة أو بيضها، ويكره ركوبها بلا حائل، ومثلها سخلة ربِّيت بلبن كلبة إذا تغير لحمها، لا زرع وثمر سقي أو رَبَى بنجس بل يحل اتفاقا ولا كراهة فيه؛ لعدم ظهور أثر النجس فيه، ومنه أُخذ أنه لو ظهر ريحه أي مثلا فيه كره، ومعلوم أن ما أصابه منه متنجس يطهر بالغسل (فإن علفت طاهرا) أو متنجسا أو نجسا أو لم تعلف (فطاب لحمها حل) هو وبيضها ولبنها بلا كراهة، وذلك؛ لزوال العلة ولا تقدير لمدة العلف. أما طيبه بنحو غسل أو طبخ فلا أثر له. ولا تحرم شاة غذيت بحرام. (ولو تنجس طاهر كخل ودبس (٢) ذائب حرم) تناوله (٣)؛ لتعذر تطهيره. أما الجامد فيزيل النجس وما حوله ويأكل باقيه؛ للخبر. ولا يكره أكل بيض سلق في ماء نجس. ولا يحرم تناول شيء من الطاهر إلا نحو حجر وتراب، ومنه مدر وطفل لمن يضره بخلاف من لا يضره، وسم وإن قل إلا لمن لا يضره ونبت ولبن جوِّز


(١). نسخه عبدالحميد ((الطبعية)).
(٢). هو عسل التمر وعصارته.
(٣). بخلاف تناول دابته كما مر في التيمم ١/ ٣٤١، ومر في اللباس جواز الاستصباح بالدهن النجس ٣/ ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>