للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَثْبُتُ الْقَسَامَةُ، فِي الْقَتْلِ بِمَحَلِّ لَوْثٍ، وَهُوَ قَرِينَةٌ تُصَدِّقُ المُدَّعِي بِأَنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ أَوْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لِأَعْدَائِهِ، أَوْ تَفَرَّقَ عَنْهُ جَمْعٌ،

تفسيره (و) إنما (تثبت القسامة في القتل) دون غيره كما يأتي؛ وقوفا مع النص (بمحل لوث) وشرطه (١) أن لا يُعْلم القاتل ببينة أو إقرار أو علم قاض (وهو) أي اللوث (قرينة) مؤيدة (تصدق المدعي) بأن توقع في القلب صدقه في دعواه ويشترط ثبوت هذه القرينة ويكفي فيها علم القاضي.

[تنبيه] التعبير بالمحل هنا ليس المراد به حقيقته؛ لأن اللوث قد لا يرتبط بالمحل كالشهادة الآتية (بأن) بمعنى كأن (وجد قتيل) أو بعضه وتحقق موته (في محلة) منفصلة عن بلد كبير (أو) في (قرية صغيرة) لمن لا يطرقها غيرهم وإن كان أهلها أصدقاءه؛ لأن كلا منهما حينئذ كدار أو مسجد تفرق فيه جمع عن قتيل، فإن طرقها غيرهم اشترط كونها (لأعدائه) أو أعداء قبيلته دينا أو دنيا وإن خالهم غيرهم (٢)؛ لأن قرينة عداوتهم قاضية بنسبته إليهم من غير معارض قوي وبه فارق ما لو ساكنهم غيرهم فإنه غير لوث؛ لأن المساكنة أقوى من المخالطة فكانت النسبة إلى الكل متقاربة، والمراد بالغير مَن لم تعلم صداقته للقتيل ولا كونه من أهله أي ولا عداوة بينهما وإلا فاللوث موجود، ووجوده بقربها -الذي ليس به عمارة ولا مقيم ولا جادة كثيرة الطروق- كهو فيها. ولو وجد بعض القتيل في محلة أعدائه وبعض في أخرى لأعداء له آخرين فللولي أن يعين أحدهما ويدعي عليها ويقسم، وله أن يدعي عليهما ويقسم. وخرج بالصغيرة الكبيرة فلا لوث إن وجد فيها قتيل؛ لأن المراد بها مَن أهله غير محصورين وعند عدم حصرهم لا تتحقق عداوتهم فلم توجد قرينة فإن عيّن أحدا منهم وادعى عليه حلف المدعى عليه.

وأصل ذلك ما في خبر الصحيحين أن بعض الأنصار قتل بخيبر فقال -صلى الله عليه وسلم- لأوليائه ((أتحلفون وتستحقون دم قاتلكم، قالوا كيف نحلف ولم نشهد ولم نر قال فتبرئكم يهود بخمسين يمينا قالوا كيف نأخذ بأيمان قوم كفار فعقله -صلى الله عليه وسلم- من عنده)) أي درأً للفتنة (أو تفرق عنه جمع) -ولو غير أعدائه- في نحو دار أو ازدحموا على الكعبة أو بئر، ويشترط تصور


(١). أي شرط العمل بمقتضى اللوث.
(٢). خلافا لشيخ الإسلام وظاهر كلامهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>