للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُكِ وَنَوَى طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا حَصَلَ، أَوْ نَوَاهُمَا، تَخَيَّرَ وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ، وَقِيلَ طَلَاقٌ، وَقِيلَ ظِهَارٌ، أَوْ تَحْرِيمَ عَيْنِهَا لَمْ تَحْرُمْ، وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ،

لفظ ظهار وقع مستقلا (فلو قال لزوجته أنت) أو نحو يدك (عليَّ حرام أو حرمتك) أو كالخمر أو الميتة أو الخنزير (ونوى طلاقا) وإن تعدد (أو ظهارا حصل) ما نواه؛ لاقتضاء كلٍّ منهما التحريم فجاز أن يكني عنه بالحرام، ولا ينافي هذا القاعدة المذكورة؛ لأن موضوع لفظ التحريم يصدق بكلٍّ من الثلاثة لكنه عند الإطلاق اشتهر استعماله في تحريم الوطء فقط فجعل صريحا فيما اشتهر فيه وكناية فيما لم يشتهر فيه، وما في القاعدة إنما هو في استعمال لفظ في غير موضوعه مع صلاحيته لموضوعه (أو نواهما) أي الطلاق والظهار معا (تخيَّر وثبت ما اختاره) منهما، لا هما؛ لتناقضهما إذ الطلاق يرفع النكاح والظهار يثبته (وقيل طلاق) ; لأنه أقوى لإزالته الملك (وقيل ظهار) ; لأن الأصل بقاء النكاح.

[تنبيه] لا يكفي الاختيار هنا بالنية، بل لا بد من اللفظ أو نحو الإشارة المفهمة هنا، وعليه فيتصور فيه كناية وصريح، فالأول كجعلتُكِ في العدة فهو كناية في اختيار الطلاق، والثاني كاخترتُكِ للظهار أو اخترت الظهار، ولو اختار شيئا لم يجز له الرجوع عنه إلى غيره، أما لو نواهما مترتبتين -أي بناء على أن نية الكناية يكفي قرنها بجزء من لفظها- فأن كان (١) المنوي أوَّلا الظهار صحَّا معا فيتخير ويثبت ما اختاره، أو الطلاق وهو بائن لغا الظهار، أو رجعي وقف الظهار فإن راجع صار عائدا ولزمته الكفارة وإلا فلا. (أو) نوى (تحريم عينها) أو نحو فرجها أو وطئها (لم تحرم)؛ لما روى النسائي أن ابن عباس سأله مَنْ قال ذلك فقال: كذبت (وعليه) في غير نحو (٢) رجعية ومعتدة ومحرمة (كفارة يمين) أي مثلها حالا وإن لم يطأ كما لو قاله لأمته؛ أخذا من قصة مارية رضي الله عنها النازل فيها قوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} التحريم: ١ الآية، ومعنى {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} التحريم: ٢ أي أوجب عليكم كفارة كالكفارة التي تجب في الأيمان، وقوله هذا مكروه، ولو قال لأربع أنتن عليَّ حرام بلا نية طلاق ولا ظهار فكفارة واحدة كما لو كرره في واحدة وأطلق أو بنية التأكد وإن تعدد المجلس كاليمين


(١). وفاقا للنهاية وخلافا للمغني وشرح الروض.
(٢). حذف لفظ نحو المغني وشرح المنهج.

<<  <  ج: ص:  >  >>