للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الأشربة]

كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ حَرُمَ قَلِيلُهُ. وَحُدَّ شَارِبُهُ إلَّا صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَحَرْبِيًّا وَذِمِّيًّا وَمُوجَرًا

[كتاب الأشربة]

حقيقة الخمر عند أكثر أصحابنا المسكر من عصير العنب وإن لم يَقذِف بالزبد فتحريم غيرها قياسي، و لا يكفر مستحل المسكر (١) من عصير غير العنب؛ للخلاف فيه من حيث الجنس؛ لحل قليله على قول جماعة، أما المسكر بالفعل فهو حرام إجماعا بخلاف مستحله من عصير العنب الصرف الذي لم يطبخ ولو قطرة; لأنه مجمع عليه بل ضروري. (كل شراب أسكر كثيره) من خمر أو غيرها ومنه المتخذ من لبن الرمكة (٢) فإنه مسكر مائع كما مر في النجاسات (حَرُم قليله (٣) وكثيره؛ لخبر الصحيحين ((كل شراب أسكر فهو حرام)) (وحُدَّ شاربه) وإن لم يسكر أي متعاطيه؛ لما يأتي أن الحد لا يتوقف على الشرب وإن اعتقد إباحته؛ لضعف أدلته ولأن العبرة في الحدود بمذهب القاضي لا المتداعيين. وخرج بالشراب ما حرم من الجامدات فلا حد فيها وإن حرمت وأسكرت بل التعزير؛ لانتفاء الشدة المطربة عنها ككثير البنج والزعفران والعنبر والجوزة والحشيشة المعروفة، ولا حد بمذابها الذي ليس فيه شدة مطربة بخلاف جامد الخمر؛ نظرا لأصلهما بل التعزير الزاجر له عن هذه المعصية الدنيئة. ومن أقبح الكبائر استعمال نحو النباتات التي تمسخ البدن والعقل، ولا حجة لمستعملي ذلك في قولهم إن تركنا له يؤدي للقتل فصار واجبا علينا; لأنه يجب عليهم التدرج في تنقيصه شيئا فشيئا وإلا فهم فسقة آثمون لا عذر لهم ولا لأحد في إطعامهم إلا قدر ما يحيي نفوسهم لو فرض فوتها بفقده، وحينئذ يجب على من رأى فاقده وخشي عليه ذلك إطعامه ما يحيا به لا غير كإساغة اللقمة بالخمر الآتية. ويحرم شرب ما ذكر ويحد شاربه (إلا صبيا ومجنونا)؛ لرفع القلم عنهما لكن ينبغي تعزير المميز على قياس ما مر (وحربيا) أو معاهدا؛ لعدم التزامه (وذميا) ; لأنه لم يلتزم بالذمة مما لا يعتقده إلا ما يتعلق بالآدميين (وموجرا) مسكرا مقهرا؛ إذ لا صنع له.


(١). ظاهره ولو كثيرا وفاقا لإطلاق المغني وخلافا للنهاية حيث عبَّر بقدر لا يسكر.
(٢). أي الفرس في أول نتاجها.
(٣). وذكر الشارح في باب ما يحرم من النكاح أن للحنفي منع زوجته الحنفية من تناول نبيذ تعتقد حله ٧/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>