للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

لِكُلٍّ مِنْهُمَا رَدُّ الْعَارِيَةِ مَتَى شَاءَ إلَّا إذَا أَعَارَ لِدَفْنٍ فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَنْدَرِسَ أَثَرُ المَدْفُونِ.

(فصل) في بيان جواز العارية

وما للمعير وعليه بعد الرد في عارية الأرض وحكم الاختلاف

هي جائزة من الجانبين كالوكالة فحينئذ (لكل منهما) أي المعير والمستعير (رد العارية) المطلقة والمؤقتة قبل فراغ المدة (متى شاء)؛ لأنها مَبَرَّة من المعير وارتفاق من المستعير فلا يليق بها الإلزام، ولو استعمل المستعار أو المباح له منافعه بعد الرجوع جاهلا فلا أجرة عليه كما مر، ومحل قولهم إن الضمان لا يختلف بالعلم والجهل إذا لم يسلطه المالك ولم يقصر بترك إعلامه. ولو أعاره لحمل متاعه إلى بلد فرجع المعير عن الإذن أثناء طريقها لزمه -لكن بالأجرة- نقل متاع المستعير إلى مأمن، وينبغي أن مثل المتاع في ذلك المستعير نفسه إذا عجز عن المشي أو خاف. وتنفسخ بما تنفسخ به الوكالة من نحو موت وجنون وإغماء وحجر، وعلى وارث المستعير الرد فورا فإن تعذر عليه ردها ضمنت مع مؤنة الرد في التركة فإن لم تكن تركة فلا شيء عليه غير التخلية عند بقائها، وإن لم يتعذر ضمنها الوارث مع الأجرة ومؤنة الرد، ومر أنه يجب الرد فورا عند نحو موت المعير (إلا إذا أعار لدفن) ودفن فيه محترم (فلا يرجع)؛ لما في النبش من هتك الحرمة (حتى يندرس أثر المدفون) بأن يصير ترابا فيرجع حينئذ، ويتصور الرجوع بأن يكون أذن له في تكرير الدفن وإلا فالعارية انتهت بدفن الميت، وليس له أجرة بعد الرجوع مطلقا، ولو أظهره منه نحو سبع ولم يوجد مكان لقبره (١) غير الأول أقرب منه أو مساو له أعيد إليه قهرا؛ لأنه صار حقا له إلى اندراسه من غير مقابل، وللمالك سقي لم يضر بالميت، ويجوز الرجوع قبل الدفن أي مواراته (٢) بالتراب ومثلها سد اللحد، ولا يجوز إن خشي تهريه بنقله من هذا القبر وإن لم يوار، نعم يغرم مؤنة الحفر لولي الميت؛ لأنه غَرَّه، وفارق هذا ما لو رجع بعد الحرث وقبل الزرع لا تلزمه مؤنة الحرث؛ لأنه لم يغره؛ لإمكان الزرع بلا


(١). ظاهره أنه مع وجود ما ذكر لا يعاد إليه إن احتاج إلى حفر أطول زمنا من إعادته خلافا لظاهرهما.
(٢). خلافا لهما كالشهاب الرملي من امتناع الرجوع بمجرد إدلائه وإن لم يصل إلى أرض القبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>