للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا فَلْيَخْرُجْ فِي الحَالِ، فَإِنْ مَكَثَ بِلَا عُذْرٍ حَنِثَ، وَإِنْ بَعَثَ مَتَاعَهُ،

(فصل) في الحلف على السكنى والمساكنة وغيرهما

الأصل في هذا وما بعده (١) أن الألفاظ تحمل على حقائقها (٢) إلا أن يتعارف المجاز أو يريد دخوله فيدخل أيضا، فلا يحنث أمير حلف لا يبني داره وأطلق إلا بفعله بخلاف ما لو أراد منع نفسه وغيره فيحنث بفعل غيره أيضا; لأنه بنيته ذلك صيّر اللفظ مستعملا في حقيقته ومجازه. وفي أصل الروضة: ((الأصل في البر والحنث اتباع مقتضى اللفظ، وقد يتطرق إليه التقييد والتخصيص بنية تقترن به أو باصطلاح خاص أو قرينة))، وهذا الأصل الذي ذكره عكس للأصل المتقدم أول الفصل (٣)؛ لأن في الأصل الأول تغليظا بالتعميم بالنية (٤).

إذا (حلف لا يسكنها) أي هذه الدار أو دارا (أو لا يقيم فيها) وهو فيها عند الحلف (فليخرج) -إن أراد السلامة من الحنث- بنية التحول في كل من مسألة الإقامة والسكنى أي إن كان متوطنا فيه قبل حلفه فلو دخله لنحو تفرج فحلف لا يسكنه لم يحتج لنية التحول قطعا (في الحال) ببدنه فقط; لأنه المحلوف عليه ولا يكلف الهرولة ولا الخروج من أقرب البابين، نعم إن عدل لباب من السطح مع القدرة على غيره حنث; لأنه بالصعود في حكم المقيم، أما بغير نية التحول فيحنث; لأنه مع ذلك ساكن أو مقيم عرفا، (فإن مكث) ولو لحظة (بلا عذر) بخلافه لنحو عطش لا يحتمل عادة (حنث وإن بعث متاعه) وأهله; لأنه مع ذلك يسمى


(١). ذكر الشارح في الوصية أن اللغة فيها إن اشتهرت مقدمة على العرف، وإلا فالعرف المطرد، فالخاص بعرف الحالف ٧/ ٤٤.
(٢). ولذا ذكر الشارح في كتاب الظهار أنه لو حلف لا يكلم ذا الصبي فكلمه شيخا لم يحنث ٨/ ١٨١.
(٣). قال علي الشبراملسي ((هذا مع ما ذكره الشارح في أول الفصل يفيد أن اللفظ تارة يحمل على مقتضاه وذلك عند الإطلاق; لأنه الأصل، وتارة على ما هو أعم منه وذلك إذا تعارف المجاز، أو أريد دخوله فيه، وتارة على ما هو أخص منه وذلك إذا قيد أو خصص بقرينة أو نية أو عرف)).
(٤). ويحمل المطلق على عرف الشرع، فلو أضاف في حلفه لفظ العقد إلى نحو الخمر كـ: ((لا أبيعها)) لم يحنث ببيعها كما ذكره الشارح في الخلع ٧/ ٤٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>