للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا فَمَاءٍ. وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ مَا لَمْ يَقَعْ فِي شَكٍّ. وَلْيَصُنْ لِسَانَهُ عَنِ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ،

وأفضل منه رطب وَجَدَهُ، ويُلحق به بسر تَمَّ صلاحه؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((كان يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم يكن فعلى تمرات، فإن لم يكن حسا حسوات من ماء))، وحكمته إزالة ضعف البصر الحاصل من الصوم (وإلا) تيسر له أحدهما حال إرادة الفطر -فلو تعارض التعجيل على الماء والتأخير على التمر قدم الأول- (فماء) ولا شيء بعد التمر إلا الماء، ويسن التثليث فيما مر وهو شرط لكمال السنة لا لأصلها كالترتيب المذكور (١)، ولا يقدم ماء زمزم على التمر، ولو قويت شبهة تمر وخفّت أو عدمت في ماء فالماء أفضل.

[تنبيه] يجب إمساك جزء من الليل بعد الغروب؛ ليتحقق به استكمال النهار، ويعتبر كل محل بطلوع فجره وغروب شمسه فيما يظهر لنا لا في نفس الأمر، قال العلماء في خبر مسلم ((إذا غابت الشمس من هاهنا وأقبل الليل من هاهنا فقد أفطر الصائم)) أي: حقيقة إنما ذكر هذين ليبين أن غروبها عن العيون لا يكفي; لأنها قد تغيب ولا تكون غربت حقيقة فلا بد من إقبال الليل أي: دخوله. (وتأخير السحور) ; لأن ((الأمة لا يزالون بخير ما أخروه)). ويسن كونه بتمر، ويحصل أصل سنته ولو بجرعة ماء (٢)، ويدخل وقته بنصف الليل (ما لم يقع في شك) وإلا كأن تردد في طلوع الفجر فالأولى تركه؛ لخبر ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (٣).

[فرع] يحرم علينا -لا عليه -صلى الله عليه وسلم- الوصال بين صومين شرعيين عمدا مع علم النهي بلا عذر وإن لم ينو به التقرب، والعلة فيه الضعف ولذا لا يزول إلا بتعاطي ما من شأنه أن يقوي كسمسمة بخلاف نحو الجماع (٤). (وليصن) ندبا من حيث الصوم فلا ينافي وجوبه من جهة أخرى (لسانه عن الكذب والغيبة) حتى المباحين بخلاف الواجبين ككذب لإنقاذ


(١). فلو أفطر على الماء مع وجود التمر حصلت سنة الفطر على الماء خلافا لقضية كلام النهاية.
(٢). ورد الشارح ما اعتمده الرملي في النهاية من أن محل ندب السحور إذا رجي به منفعة.
(٣). ذكر الشارح في كتاب الصلاة أنه لو عدم وقت العشاء ببلدة كأن طلع الفجر كلما غربت الشمس فإن لم تسع بقيتها ما يقيم بنية الصائم قدروا في الصوم ليله بأقرب بلد إليه ثم يمسكون إلى الغروب بأقرب بلد إليهم بخلاف ما إذا وسع ذلك، ولو لم يسع ذلك إلا قدر المغرب أو أكل الصائم لزم أكله وقضى المغرب.
(٤). خلافا لهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>