للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: الْأَصَحُّ المَنْصُوصُ، وَقَوْلُ الجُمْهُورِ كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ فَيَشْتَرِي بِهِ عَقَارًا يَسْتَغِلُّهُ، وَاَللهُ أَعْلَمُ

(قلت: الأصح المنصوص) في الأم (وقول الجمهور) يعطى (كفاية العمر الغالب) أي ما بقي منه; لأن القصد إغناؤه ولا يحصل إلا بذلك، فإن زاد عمره عليه أُعطى سنة؛ إذ لا حد للزائد على العمر الغالب، أما مَن يحسن حرفة تكفيه الكفاية اللائقة به -كما مر أول الباب- فيعطى ثمن آلة حرفته وإن كثر، ويأذن له في شراء ذلك، أو يشتري له. وإن أحسن تجارة أعطى رأس مال يكفيه كذلك ربحه غالبا باعتبار عادة بلده، ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والنواحي، ولو أحسن أكثر من حرفة والكل يكفيه أعطي ثمن أو رأس مال الأدنى، وإن كفاه بعضها فقط أعطي له، وإن لم يكفه واحدة منها أعطي لواحدة وزيد له شراء عقار يتم دخله بقية كفايته.

[تنبيه] العمر الغالب ما بين الستين والسبعين من الولادة، والعبرة هنا بالستين فقط; لأنها المتيقن دخولها.

وليس المراد بإعطاء من لا يحسن ذلك إعطاء نقد يكفيه تلك المدة؛ لتعذره، بل ثمن ما يكفيه دخلُه (فيشتري) من لا يحسن تجارة ولا حرفة (به) إن أذن له الإمام -ولا يكفي إذن المالك- وكان رشيدا وإلا فوليه (عقارا) أو نحو ماشية إن كان من أهلها (يستغله) ويغتني به عن الزكاة فيملكه ويورث عنه (والله أعلم)؛ للمصلحة العائدة عليه وعلى بقية المستحقين بإغنائه عنهم، وللإمام إلزامه بالشراء وعدم إخراجه عن ملكه؛ لما في ذلك من المصلحة العامة، وحينئذ ليس له إخراجه فلا يحل ولا يصح. ولو ملك من لا يحسن الكسب دون كفاية العمر الغالب كُمِّل له من الزكاة كفايته.

[تنبيه] معلوم أن العقارات مختلفة في البقاء عادة وعند أهل الخبرة لكن ليس المراد هنا منع إعطاء عقار يزيد بقاؤه على العمر الغالب، بل منع إعطاء ما ينقص عنه، وأما ما يساويه أو يزيد عليه فإن وجدا تعين الأول، أو وجد الثاني فقط اشتري له ولا أثر للزيادة؛ للضرورة، ولو عرض انهدام عقاره المُعْطَى أثناء المدة أُعطِي ما يعمره به عمارة تبقى بقية المدة، نعم إن فرض وجود مبنيٍّ أخفَّ من عمارة ذاك تعين شراؤه له ويباع ذاك ويصرف ثمنه في هذا، هذا كله في غير محصورين أما المحصورون فسيأتي أنهم يملكونه أي يملكون ما يكفيهم على قدر حاجاتهم وما زاد يحفظ لوجودهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>