للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: هَذِهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ:

يُبَادَرُ بِقَضَاءِ دَيْنِ المَيِّتِ وَوَصِيَّتِهِ. وَيُكْرَهُ تَمَنِّي المَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ لَا لِفِتْنَةِ دِينٍ. وَيُسَنُّ التَّدَاوِي، وَيُكْرَهُ إكْرَاهُهُ عَلَيْهِ. وَيَجُوزُ لِأَهْلِ المَيِّتِ وَنَحْوِهِمْ تَقْبِيلُ وَجْهِهِ …

(قلت: هذه مسائل منثورة)

(يُبَادَر) ندبا (بقضاء دين الميت) عقب موته؛ مسارعة لفك نفسه عن حبسها بدينها عن مقامها الكريم كما صح عنه -صلى الله عليه وسلم-، ومحل الحبس إن عصى بالاستدانة (١) سواء خلف في تركته وفاء أم لا، والكلام في غير الأنبياء (٢). فإن لم يكن بالتركة جنس الدين أو كان ولم يسهل القضاء منه فورا سأل ندبا الولي غرماءه أن يحتالوا به عليه وحينئذ فتبرأ ذمة الميت بمجرد رضاهم بمصيره في ذمة الولي وإن لم يحللوه، وذلك؛ للحاجة والمصلحة، والأجنبي كالولي في ذلك، نعم ينبغي لمن فعل ذلك التراضي أن يسأل الدائن تحليل الميت تحليلا صحيحا؛ ليبرأ بيقين، وبالرغم من براءة الميت في ما تقدم إلا أن رهن التركة بالدين يدوم؛ احتياطا (ووصيته)؛ استجلابا للبر والدعاء له، وتجب المبادرة عند التمكن وطلب المستحق ونحو ذلك وكذا في وصية نحو الفقراء أو إذا أوصى بتعجيلها. (ويكره تمني الموت لضر نزل به) أي ببدنه أو ماله؛ للنهي عنه، أما إن لم يكن ثمة ضر فيندب؛ لحديث ((من أحب لقاء الله أحبّ الله لقاءه)) (لا لفتنة دين) فيسن إن خافها، ويندب تمنيه بالشهادة في سبيل الله وببلد شريف. (ويسن التداوي)؛ للخبر الصحيح ((تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء غير الهرم))، نعم إن تركه توكلا فهو فضيلة (٣) (ويكره إكراهه عليه) أي التداوي وتناول الدواء؛ لأنه يشوش عليه، ولا يكره إكراهه على طعام (٤). (ويجوز لأهل الميت ونحوهم) كأصدقائه أما لغيرهم فخلاف الأولى (تقبيل وجهه)؛ لما صح أنه -صلى الله عليه وسلم- ((قبَّل وجه عثمان بن مظعون -رضي الله عنه-)، نعم


(١). أي فإن لم يعص لا يحبس عن مقامه الكريم وإن كانت حسناته تؤخذ للدائن كما تقتضيه الأدلة ذكره الشارح في كتاب قسم الصدقات ٧/ ١٥٧، وذكر في كتاب الشهادات أن من مات وله دين لم يستوفه ورثته يكون هو المطالِب به في الآخرة ١٠/ ٢٤٥.
(٢). كما أفاده الشارح في أول كتاب الرهن.
(٣). اعتمدا التفصيل بين أن يقوى توكله فتركه أولى، وأن لا ففعله أولى.
(٤). هذا ما يظهر أن الشارح اعتمده خلافا لهما فاعتمدا الكراهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>