للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَيْنَ الهِبَةِ وَالْقَبْضِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، وَقِيلَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ. وَيُسَنُّ لِلْوَالِدِ الْعَدْلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ بِأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَقِيلَ كَقِسْمَةِ الْإِرْثِ ..

عنه قول الواهب ملكها المتهب ملكا لازما كما مر. والهبة ذات الثواب بيع (١) فإذا أقبض الثواب استقل بالقبض (فلو مات أحدهما) أي الواهب والمتهب بالمعنى الأعم الشامل للهدية والصدقة (بين الهبة والقبض قام وارثه مقامه) في القبض والإقباض; لأنه خليفته، (وقيل ينفسخ العقد) بالموت؛ لجوازه كالشركة. ولا تبطل الهبة بجنون الواهب وإغمائه فيكفي إقباضه بعد إفاقته لا إقباض وليه قبلها وكذا المتهب، نعم لوليه القبض قبل إفاقته. (ويسن للوالد) أي: الأصل وإن علا (العدل في عطية أولاده) أي: فروعه وإن سفلوا ولو الأحفاد مع وجود الأولاد -سواء أكانت تلك العطية هبة أم هدية أم صدقة أم وقفا أم تبرعا آخر- فإن لم يعدل لغير عذر كره. والأصل في ذلك خبر البخاري ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم))، فإن فضَّل البعض أعطى الآخرين ما يحصل به العدل وإلا رجع ندبا؛ للأمر به في رواية، نعم الأوجه أنه لو علم من المحروم الرضا وظن عقوق غيره لفقره ورقة دينه لم يسن الرجوع ولم يكره التفضيل كما لو أحرم من الهبة فاسقا؛ لئلا يصرفه في معصية، أو عاقا أو زاد أو آثر الأحوج أو المتميز بنحو فضل. والأوجه أن تخصيص بعضهم بالرجوع في هبته كهو بالهبة. وذكره للعطية مثال وذلك؛ لأنه يطلب التسوية في غيرها كالتودد بالكلام للمميزين إلا لعذر أيضا كتميّز أحدهم. ويسن للولد أيضا العدل في عطية أصوله فإن فضَّل كره، نعم لا يكره (٢) أن يفضل الأم؛ لما ورد أن لها ثلثي البر. ويسن العدل بين نحو الإخوة أيضا لكنها دون طلبها في الأولاد، وإنما يحصل العدل بين من ذكر (بأن يسوي بين الذكر والأنثى) وورد ((ساووا بين أولادكم في العطية)) (وقيل كقسمة الإرث).

[فرع] أعطى آخر دراهم ليشتري بها عمامة مثلا ولم تدل قرينة حاله على أن قصده مجرد التبسط المعتاد لزمه شراء ما ذكر وإن ملكه؛ لأنه ملك مقيد يصرفه فيما عينه المعطي، ولو مات


(١). أي إن ذكر البدل وإلا فكنايه قرض كما أفاده الشارح في القرض، ثم ذكر ضابطا هو أنه حيث كان اللفظ المأتي به كناية صدق الدافع في نيته به، أو صريحا في التملك بلا بدل صدق الآخذ في نفي ذكر البدل أو نيته ٥/ ٣٨.
(٢). عندهما مكروه.

<<  <  ج: ص:  >  >>