للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا مُغَفَّلٍ لَا يَضْبِطُ. وَلَا مُبَادِرٍ

حق في زعمه، نعم لا تقبل شهادة داعية لبدعته كروايته، نعم يستثنى من قبول شهادة المبتدع الخطابية فلا تقبل شهادتهم لموافقيهم في مذهبهم إذا لم يبينوا سبب الشهادة، فإن بينوا كإن قالوا سمعناه يقول كذا قبلت، وسبب الاستثناء أنهم يعتقدون أن موافقيهم لا يكذبون؛ لأن الكذب عندهم كفر. وأما من نكفره ببدعته كمن يسب عائشة بالزنا أو أباها رضي الله عنهما بإنكار صحبته أو ينكر حدوث العالم أو حشر الأجساد أو علم الله تعالى بالمعدوم أو بالجزئيات فلا تقبل شهادته؛ لإهداره (لا مغفل لا يضبط (١) أصلا أو غالبا أو على السواء؛ لعدم الثقة بقوله ككثير الغلط والنسيان بخلاف من لا يضبط نادرا; لأن أحدا لا يسلم من ذلك، ومن بيّن السبب كالإقرار وزمن التحمل ومكانه بحيث زالت التهمة بذلك. ولو راب القاضي في الشاهد أمراً، فإن كان الشاهد مشهور الديانة والضبط ندب استفصاله وإلا وجب (٢) (ولا مبادر) بشهادته قبل الدعوى أو بعدها وقبل أن يستشهده المدعي في غير شهادة الحسبة؛ لتهمته حينئذ، ومن ثم صح أنه -صلى الله عليه وسلم- ذمّه، نعم لو أعادها في المجلس بعد الاستشهاد قبلت، وما صح أنه ((خَيْر الشهود)) محمول على ما تسمع فيه شهادة الحسبة كمن شهد ليتيم أو مجنون أو بزكاة أو كفارة أو على من عنده شهادة لمن لا يعلمها فيسن له إعلامه ليستشهد به، بل يجب إذا انحصر الأمر فيه.

[تنبيه] قضية إطلاقه رد المبادر أنه لا فرق بين ما يحتاج فيه لجواب الدعوى وما لا، فلو طُلِب من القاضي بيع مال من لا يعبر عن نفسه كمحجور وغائب وأخرس لا إشارة له مفهمة في حاجتهم ولهم بينة بها فالأوجه أنه ينصب من يدعي لهم ذلك ويسأل البينة الأداء ولا يجوز لهم الأداء قبل الطلب، وكذا مدعي الوكالة لا بد أن يقول أنا وكيل فلان ولي بينة ويسأله الأداء وإن لم يحتج لحضور الخصم.

[فرع] لا يقدح فيه جهله بفروض نحو صلاة ووضوء يؤديهما (٣) كما مر بتفصيله، ولا توقفه في المشهود به إن عاد وجزم به فيعيد الشهادة، ولا قوله لا شهادة لي في هذا إن قال نسيت أو أمكن حدوث المشهود به بعد قوله وقد اشتهرت ديانته، وينبغي قبول دعوى من


(١). وأشار الشارح في كتاب الإقرار أنه لا يقبل قول شاهد تناقض بنحو ما مر في الإقرار ٥/ ٣٧٢.
(٢). وفاقا للنهاية وخلافا للمغني حيث اعتمد الوجوب مطلقا.
(٣). وإن قصر في التعلم خلافا للنهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>