مسافة القصر من محل الوجوب (ولو عدم الأصناف في البلد) أي بلد الوجوب أو فضل عنهم شيء (وجب النقل) -لها أو للفاضل- إلى مثلهم بأقرب محل لمحل المال، فإن جاوزه حرم ولم يجز كالنقل ابتداء. وإذا جاز النقل فمؤنه على المالك قبل قبض الساعي، وبعده في الزكاة فيباع منها ما يفي بذلك كما لو خشي وقوعها في خطر أو احتاج لرد جبران (أو) عدم (بعضهم) من بلد المال ووجد بغيره، أو فضل عنه شيء بأن وجدوا كلهم وفضل عن كفاية بعضهم شيء، أو وجد بعضهم وفضل عن كفاية بعضه شيء (وجوزنا النقل) مع وجودهم (وجب) النقل لذلك الصنف بأقرب بلد إليه (وإلا) نجوزه -كما هو الأصح- (فَيَرُدَّ) وجوبا نصيب المفقود من البعض، أو الفاضل عنه أو عن بعضه (على الباقين) إن نقص نصيبهم عن كفايتهم ولا ينقل إلى غيرهم؛ لانحصار الاستحقاق فيهم، فإن لم ينقص نقله لذلك الصنف بأقرب بلد إليه (وقيل ينقل) إلى أقرب محل إليه؛ للنص على استحقاقهم فيقدم على رعاية المكان الناشئة عن الاجتهاد؛ إذ لا اجتهاد مع النص.
[فرع] إذا امتنع المستحقون من أخذ الزكاة قوتلوا؛ لتعطيلهم هذا الشعار العظيم كتعطيل الجماعة. ولو قال فرِّق هذا على المساكين لم يدخل المخاطب فيهم ولا ممونه وإن نص على ذلك (وشرط الساعي) وهو العامل (كونه حرا) ذكرا (عدلا) -في الشهادة; لأنها ولاية- ليس من ذوي القربى ولا من مواليهم ولا من المرتزقة، ومرَّ أنه يغتفر في بعض أنواع العامل كثير من هذه الشروط; لأن عمله لا ولاية فيه بوجه فكأن ما يأخذه محض أجرة (فقيها بأبواب الزكاة) فيما تضمنته ولايته؛ ليعرف ما يأخذه ومن يدفع له (فإن عُيِّن له أخذ ودفع) بأن نص له على مأخوذ بعينه ومدفوع إليه بعينه (لم يشترط) فيه كأعوانه من نحو كاتب وحاسب ومشرف (الفقه) ولا الحرية ولا الذكورة؛ لأنها وكالة لا ولاية، نعم لا بد من الإسلام كغيره من بقية الشروط -إلا إن عيّن له المأخوذ والمأخوذ منه والمدفوع إليه-؛ لأن فيه نوع ولاية. ويجب على الإمام أو نائبه بعث السعاة لأخذ الزكوات (وليعلم) الإمام أو الساعي ندبا (شهرا لأخذها) -أي: الزكاة؛ ليتهيأ ذوو الأموال لدفعها والمستحقون لقبضها- وشهر المحرَّم أولى; لأنه أول السنة الشرعية، ومحل ذلك فيما يعتبر فيه الحول المختلف في حق الناس