للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَمْرُ فِيهِ يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَمَاكِنِ، وَحِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ كَحِجَامَةٍ وَكَنْسٍ وَدَبْغٍ مِمَّنْ لَا تَلِيقُ بِهِ تُسْقِطُهَا، فَإِنْ اعْتَادَهَا وَكَانَتْ حِرْفَةَ أَبِيهِ فَلَا فِي الْأَصَحِّ. وَالتُّهَمَةُ أَنْ يَجُرَّ إلَيْهِ نَفْعًا أَوْ يَدْفَعَ عَنْهُ ضَرَّاً فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ

[تنبيه] يحرم تعاطي خارم المروءة إن تعلقت به شهادة وإلا فلا; لأنه يحرم عليه التسبب في إسقاط ما تحمله وصار أمانة عنده لغيره (والأمر فيه) أي جميع ما ذكر (يختلف بالأشخاص والأحوال والأماكن) ; لأن المدار على العرف كما مر فقد يستقبح من شخص وفي حال أو مكان ما لا يستقبح من غيره أو فيه، نعم نحو القبلة وإكثار الضحك والشطرنج تسلبها مطلقا.

[تنبيه] من دخل بلدا فتزيا بزي أهلها لا تنخرم مروءته به، ومحله إن سُلِّم ما إذا تزيا بزي أهل حرفته ولم يعد أهل ذلك المحل أن تزييه بزي غير بلده مزرٍ به مطلقا (وحرفة دنيئة كحجامة وكنس ودبغ) وحياكة وحراسة وقيامة (١) حمام وجزارة (ممن لا تليق) هذه (به تسقطها)؛ لإشعارها بقلة مبالاته (فإن اعتادها) أي لاقت به (وكانت) مباحة سواء أكانت (حرفة أبيه) أم لم تكن (فلا) تسقطها (في الأصح) ; لأنه لا يعتبر بذلك، أما ذو حرفة محرمة كمُنَجِّم ومُصَوِّر فلا تقبل شهادتهم مطلقا، (والتُّهَمَة) في الشخص التي مر أنها تمنع الشهادة (أن يجر) بشهادته (إليه) أو إلى من لا تقبل شهادته له (نفعا أو يدفع عنه) أو عمن ذكر بها (ضرا) ويضر حدوثها قبل الحكم لا بعده، فلو شهد لأخيه بمال فمات وورثه قبل استيفائه فإن كان بعد الحكم أخذه وإلا فلا، وكذا لو شهد بقتل فلان لأخيه الذي له ابن ثم مات وورثه فإن صار وارثه بعد الحكم لم يُنقض أو قبله لم يحكم له، (فترد شهادته لعبده) المأذون له في التجارة وغيره; لأن ما يشهد به هو له، وقضيته قبوله له بأن شخصا قذفه (ومكاتبه) ; لأنه ملكه وقد يعجز أو يعجزه فيعود له ماله، وشريكه بالمشترك لكن إن قال لنا أو بيننا بخلاف ما إذا قال لزيد ولي فتصح لزيد لا له. وشرطه تقدم الصحيح كما مر في تفريق الصفقة، وأن لا يعود له شيء مما يثبت لزيد كوارثين لم يقبضا فإن ما ثبت لأحدهما يشاركه فيه الآخر. ولو اقتسموا أرضا وانفرد كلٌّ بحد فتنازع اثنان في حد بينهما لم تقبل شهادة الآخرين على ما أفتى به بعضهم؛ للشركة المتقدمة ودفع ضرر فسخ القسمة لو وقع، ويؤخذ منه أن كل من باع عينا


(١). قيم الأمر مقيمه ومدبره، لسان العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>