للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

الْغَائِبُ الَّذِي تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ مَنْ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ، وَهِيَ الَّتِي لَا يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرٌ إلَى مَوْضِعِهِ لَيْلًا،

(فصل)

(الغائب الذي تسمع) الدعوى و (البينة) عليه (ويحكم عليه مَنْ بمسافة بعيدة (١) ; لأن في إيجاب الحضور منها مشقة بمفارقة الأهل والوطن ليلا، أما القريب فيسهل إحضاره. ولو حكم على غائب فبان كونه حينئذ بمسافة قريبة بان فساد الحكم (٢)، ويجري ذلك في صبي أو مجنون أو سفيه بان كماله. ولو قدم الغائب وقال -ولو بلا بينة- كنت بعت أو أعتقت قبل بيع الحاكم بان بطلان (٣) تصرف الحاكم كما مر. ولو بان المُدَّعى موته حيا بعد بيع الحاكم ماله في دينه بان بطلانه إن كان الدين مؤجلا؛ لتبين بقائه، أما إن كان الدين حالا وبان المدين معسرا لا يملك غير المبيع فيصح البيع؛ إذ لو رفع للقاضي باع ماله حينئذ بخلاف ما إذا لم يكن كذلك إذ يتبين بطلان البيع (٤) ; لأنه لا يلزمه الوفاء من هذا المبيع بعينه. ولو بان أن لا دين بان أن لا بيع، (وهي) أي البعيدة (التي لا يرجع منها) متعلق بقوله (مبكِّر) أي خارج عقب طلوع الفجر (إلى موضعه ليلا) أي أوائله، وهي ما ينتهي إليه سفر الناس غالبا. والعبرة في ذلك باليوم المعتدل، ويعتبر في ذلك زمن المحاكمة المعتدلة من دعوى وجواب وإقامة بينة حاضرة أو حلف وتعديلها. والعبرة بسير الأثقال; لأنه المنضبط المعوَّل عليه في نحو مسافة القصر. ولو كان لمحل طريقان وهو بأحدهما على المسافة وبالآخر على دونها، فإن كانت القصيرة وعرة جدا لم تعتبر وإلا اعتبرت، أي ولا تعتبر الأبعد؛ لأن الأصل منع الحكم


(١). نعم يستثنى الرد بالعيب فيحكم الحاكم به في الفسخ ولو مع قرب المسافة التي غابها البائع كما مال إليه الشارح في خيار النقيصة ٤/ ٣٧١.
(٢). خلافا للشهاب الرملي.
(٣). أي بخلاف الوكيل فلا يبطل تصرفه كما مر أيضا.
(٤). ظاهره وإن كان صلاحه فيه، وخالف النهاية في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>