للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ مَسَافَةُ قَصْرٍ، وَمَنْ بِقَرِيبَةٍ كَحَاضِرٍ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَلَا يُحْكَمُ بِغَيْرِ حُضُورِهِ إلَّا لِتَوَارِيهِ أَوْ تَعَزُّرِهِ. وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ الْقَضَاءِ عَلَى غَائِبٍ فِي قِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَمَنْعُهُ فِي حَدٍّ للهِ تَعَالَى

على الغائب حتى يتحقق بُعد المحل من كل وجه (١)، (وقيل) هي (مسافة القصر) ; لأن الشرع اعتبرها في مواضع، ويرد بوضوح الفرق. هذا كله حيث كان الغائب في محل ولاية القاضي، فإن كان خارجها سمع الدعوى عليه والبينة وحكم وكاتب وإن قربت الولايتان، (ومن بـ) مسافة (قريبة) -ولو بعد الدعوى عليه في حضوره- وهو ممن يتأتى حضوره (كحاضر فلا تسمع) دعوى، ولا (بينة) عليه (ولا يحكم بغير حضوره) بل يحضره وجوبا؛ لسهولة إحضاره؛ لئلا يشتبه على الشهود، أو ليدفع إن شاء، أو يقر فيغني عن البينة والنظر فيها، أو لتمتنع الشهود إن كانوا كَذَبَة حياء أو خوفا منه، ومحل ما ذكر في منع سماع البينة إذا تيسر إحضار المدعى عليه ولم يضطر الشهود إلى السفر فورا وإلا فينبغي حينئذ جواز سماعها في غيبته؛ للضرورة وإن أمكن أن يُشْهَد على شهادتها. وإذا سمعت في غيبته وجب أن يخبر بأسمائهم؛ ليتمكن من القدح (إلا لتواريه) ولو بالذهاب لنحو السلطان زعما منه أنه يخاف جور الحاكم عليه; لأن الخصم لو مُكِّن من ذلك تعذر القضاء فوجب أن لا يلتفت لهذا العذر منه وإن اشتهر جور قاضي الضرورة وفسقه، أو حبسه بمحل لا يمكن الوصول إليه، أو هربه من مجلس الحكم (أو تعززه) أي تغلبه وقد ثبت ذلك عند القاضي فتسمع البينة ويحكم بغير حضوره من غير يمين (٢) للاستظهار؛ تغليظا عليه وإلا لامتنع الناس كلهم، فإن لم يكن للمدعي بينة جعل الآخر في حكم الناكل (٣) فيحلف المدعي يمين الرد ثم يحكم له لكن لا بد من تقديم النداء بأنه إن لم يحضر جعل ناكلا. (والأظهر جواز القضاء على غائب في قصاص وحد قذف) ; لأنه حق آدمي كالمال (ومنعه في حد) أو تعزير (لله تعالى)؛ لبنائهما على المسامحة والدرء ما أمكن، وما فيه الحقان كالسرقة يقضى فيه بالمال لا القطع.


(١). ذكره الشارح في صلاة المسافر وفاقا لشيخ الإسلام والمغني وخلافا للنهاية والشهاب الرملي.
(٢). وفاقاً لشيخ الإسلام والمغني وخلافاً للنهاية والشهاب الرملي.
(٣). وفاقا للأسنى والمغني وخلافا للنهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>