للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ بَاعَهُ قَبْلَ إخْرَاجِهَا فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ فِي قَدْرِهَا، وَصِحَّتُهُ فِي الْبَاقِي.

(فلو باعه) أي الجميع الذي تعلقت به (قبل إخراجها فالأظهر) ظاهر المتن أن هذا يتفرع على الوجهين السابقين في الشركة من الإشاعة والإبهام لكن الأصح أنا إن قلنا الواجب مشاع صح في غير قدر الزكاة أو مبهم بطل في الكل (بطلانه في قدرها) -من المبيع سواء أكان المال زكوي أم بعضه-; لأن بيع ملك الغير من غير مسوغ له باطل فيطالب المشتري كلٌّ من الفقراء والساعي وإن أفرز المالك قدرها، وطريق براءة المشتري أن يرد قدر زكاة ما قبضه على البائع أو يستأذنه في إخراجها أو يُعْلِم الإمام أو الساعي ليأخذها منه فإن فعل ذلك وبرئ انقطع تسلط الساعي على ما بقي بيد المشتري، أما إن تعذر ذلك فيحفظها إلى تيسر المالك أو الساعي، ومنه القاضي إن لم يُفوَّض أمر الزكاة لغيره، فإن مات المالك -وقلنا للأجنبي أداء الزكاة عنه- فللمشتري إخراج قدرها من ماله وحينئذ فللورثة مطالبته بقدرها من المبيع؛ لأنه على ملك مورثهم والزكاة سقطت عنه. ثم إنه متى دفع المشتري قدرها رجع على البائع بحصته من الثمن إن قبضه، ويأتي ذلك فيما لو آجر أرضا للزرع وأخذ أجرتها من حبِّه قبل إخراج زكاته (وصحته في الباقي (١) فيتخير المشتري إن جهل؛ بناء على قولي تفريق الصفقة، ومن ثم اشترط العلم بقدر الواجب وإلا فتبطل في الكل، وبه يعلم البطلان في الكل في نحو خمسة أبعرة فيها شاة؛ لما مر أنهم شركاء بقدر قيمتها وذلك لا تمكن معرفته حتى يختص البطلان بما عداه; لأن التقويم تخمين. أما لو باع البعض فإن لم يبق قدرها فكبيع الكل وإن أبقاه فتبطل في قدرها أيضا؛ لأن حقهم شائع فأي قدر باعه كان حقه وحقهم، نعم إن قال بعتك هذا إلا قدرها صح فيما عداها أي قطعا، ثم الأوجه اشتراط معرفة المتبايعين لقدرها من نحو عشر أو نصفه أو ربعه.

[تنبيه] جميع ما مر في زكاة الأعيان -إلا الثمر بعد الخرص والتضمين؛ لما مر من صحة تصرف المالك فيه حينئذ- أما زكاة التجارة فيصح بيع الكل ولو بعد الوجوب لكن بغير محاباة; لأن متعلق هذه الزكاة القيمة وهي لا تفوت بالبيع، فإن باعه بمحاباة بطل البيع فيما قيمته قدر الزكاة من المحاباة وإن أفرز قدرها، وكذا لو وَهَب أو أعتق قنّها وهو غير موسر.


(١). ويأتي أنه تصح قسمة الإفراز فيما تعلقت الزكاة به قبل إخراجها ثم يخرج كلٌّ زكاة ما آل إليه ولا تتوقف صحة تصرف من أخرج على إخراج الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>