للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ دَفَعَ فَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِهَا حُوِّلَتْ إلَيْهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ فَلِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ تَضْمِينُ المُلْتَقِطِ، وَالمَدْفُوعِ إلَيْهِ، وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ. قُلْتُ: لَا تَحِلُّ لُقَطَةُ الحَرَمِ لِلتَّمَلُّكِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا قَطْعًا، وَاَللهُ أَعْلَمُ

يعلم. ولو تلفت فشهدت البينة بوصفها ثبتت ولزمه بدلها، ومحله إن ثبت بإقراره أو غيره أن ما شهدت به البينة من الوصف هو وصفها، (فإن دفع) اللقطة لإنسان بالوصف (فأقام آخر بينة) أي حجة بأنها ملكه (حولت إليه) ; لأن الحجة توجب الدفع بخلاف الوصف (فإن تلفت عنده) أي الواصف المدفوع إليه لا بإلزام حاكم يرى وجوب الدفع إليه بالوصف (فلصاحب البينة تضمين الملتقط) ; لأنه بان أنه سلَّم ما ليس له تسليمه (والمدفوع إليه) ; لأنه بان أنه أخذ ملك الغير. وخرج بـ ((دفع اللقطة)) ما لو تلفت عنده ثم غرم للواصف قيمتها فليس لمالكها تغريم الواصف; لأن ما أخذه مال الملتقط لا المدعي (والقرار عليه) أي على المدفوع إليه؛ لتلفه في يده فيرجع عليه اللاقط بما غرمه ما لم يقر له بالملك; لأنه حينئذ يزعم أن الظالم له هو ذو البينة (قلت: لا تحل لقطة الحرم) المكي (للتملك) ولا بلا قصد تملك ولا حفظ (على الصحيح) بل لا تحل إلا للحفظ أبدا (١)؛ للخبر الصحيح ((لا تحل لقطته إلا لمنشد)) أي لمعرِّف على الدوام وإلا فسائر البلاد كذلك فلا تظهر فائدة التخصيص. وخرج بالحرم الحل ولو عرفة; لأن ذلك من خصائص الحرم، وبالمكي حرم المدينة (ويجب تعريفها) أي الملقوطة فيه للحفظ (قطعا والله أعلم)؛ للخبر، فتلزمه الإقامة له أو دفعها للقاضي أي الأمين فإن أراد سفرا ولا قاضي أمين ثَم اتجه جواز تركها عند أمين.

[فرع] التقط مالا ثم ادعى أنه ملكه قُبِل قوله عند عدم المنازع بخلاف ما لو التقط صغيرا ثم ادعى أنه ملكه لا يقبل قوله فيه (٢).


(١). ومتى لم ييأس من مالكها أمسكها أبدا مع التعريف ندبا أو أعطاها قاضيا أمينا ليحفظها كذلك، ومتى أيس منه- بأن يبعد في العادة وجوده- صار من جملة أموال بيت المال كما أشار إلى ذلك الشارح في الوديعة ٧/ ١٢٧.
(٢). من اللقطة الدفين الإسلامي بموات كما مر في الركاز ٣/ ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>