للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُقَدَّمُ عَلَى التَّعْدِيلِ. فَإِنْ قَالَ المُعَدِّلُ: عَرَفْتُ سَبَبَ الجَرْحِ وَتَابَ مِنْهُ وَصَلُحَ قُدِّمَ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي التَّعْدِيلِ قَوْلُ المُدَّعَى عَلَيْهِ: هُوَ عَدْلٌ، وَقَدْ غَلِطَ

(ويقدم) الجرح (على التعديل)؛ لزيادة علم الجارح، (فإن قال المعدل عرفت سبب الجرح و) بعد ذلك (تاب منه وصلح) أي مضت مدة الاستبراء (قُدِّم)؛ لزيادة علمه حينئذ.

[تنبيه] لا بد من ذكر مضي مدة الاستبراء إن لم يعلم تاريخ الجرح وإلا لم يحتج لذلك؛ إذ لا بد من مضيها، وكذا يقدم التعديل إن أرَّخ كل من البينتين وكانت بينة التعديل متأخرة. ولا تتوقف الشهادة بالجرح والتعديل على سؤال القاضي; لسماع شهادة الحسبة فيهما. ويقبل قول الشاهد قبل الحكم أنا فاسق أو مجروح وإن لم يذكر السبب، نعم يتجه أن محله فيمن لا يبعد عادة علمه بأسباب الجرح. ويندب للقاضي أن يتوقف عن شاهد جَرَحَهُ عدل بلا بيان سبب إن قويت الريبة لعل القادح يتضح، فإن لم يتضح حَكَمَ. (والأصح أنه لا يكفي في التعديل قول المدعى عليه هو عدل وقد غلط) في شهادته عليّ؛ لما مر أن الاستزكاء حق لله تعالى، ولهذا لا يجوز الحكم بشهادة فاسق وإن رضي الخصم، وقوله ((وقد غلط)) ليس بشرط بل هو بيان، فإن قال عدل: فيما شهد به عليَّ كان إقرارا منه به. ويسن له ولا يلزمه وإن طلب الخصم أن يفرقهم إذا ارتاب فيهم، نعم يجب التفريق إن ارتاب في غير مشهوري الديانة والضبط (١)، فيسأل واحداً ويستقصي ثم يسأل الثاني قبل اجتماع الأول به ويستقصي ويعمل بما غلب على ظنه، والأولى كون ذلك قبل التزكية، ولهم أن لا يجيبوه ويلزمه حينئذ القضاء إن وجدت شروطه، ولا عبرة بريبة يجدها. ولو قال لا دافع لي فيه ثم أتى ببينة بنحو عداوته أو فسقه وادعى أنه كان جاهلا بذلك قُبِل قوله بيمينه على ما ذكره بعضهم فله بعد حلفه إقامة البينة بذلك. ولو أقام بينة على إقرار المدعي بأن شاهديه شربا الخمر مثلا وقت كذا فإن كان بينه وبين الأداء دون سنة ردا وإلا فلا، ولو لم يعينا للشرب وقتا سئل المقر وحكم بما يقتضيه تعيينه، فإن أبى عن التعيين توقف عن الحكم. ولو ادعى الخصم أن المدعي أقر بنحو فسق بينته وأقام شاهدا ليحلف معه لم يحلف الخصم مع شاهده; لأن الغرض الطعن في البينة وهو لا يثبت بشاهد ويمين. ولو شهدا بأن هذا ملكه ورثه فشهد آخران بأنهما ذكرا بعد موت الأب أنهما ليسا بشاهدين في هذه الحادثة أو أنهما ابتاعا الدار منه رُدَّا.


(١). كما رجحه الشارح قبيل الحسبة وفي المنتقبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>